صدى هزيمة في طهران كيف تحولت خطبة الجمعة إلى إعلان وفاة لمشروع إيران الإقليمي
بقلم ضياء قدور کاتب و باحث سیاسي سوري
في طهران هي مسارح مُصممة بعناية لاستعراض القوة، ومنصات يتردد منها صدى عقيدة النظام وتهديداته وغطرسته.
لكن ما شهده منبر طهران في التاسع والعشرين من أغسطس كان حدثاً استثنائياً، لحظة نادرة من التجلي غير المقصود. فلقد تحول هذا المنبر، على لسان ممثل المرشد الأعلى خامنئي، حاجي علي أكبري، من منصة للوعيد إلى منبر لإلقاء تأبين مرير لمشروع النظام الإقليمي، وأصبح مرآة عكست الرعب العميق الذي يجتاح قمة هرم السلطة في إيران.
إن التهديد الذي أطلقه بسقوط الحكومة السورية الجديدة لم يكن هدير أسد واثق من قوته، بل كان أشبه بعواء ذئب جريح، عواء يكشف عن حجم الألم الذي سببه فقدان الحليف الاستراتيجي بشار الأسد، ويمثل اعترافاً بفشل استثمار كلف الشعب الإيراني عشرات المليارات من الدولارات وأنهاراً من الدماء. هذه الخطبة، في جوهرها، لم تكن تهديداً موجهاً لسوريا بقدر ما كانت اعترافاً موجهاً للداخل الإيراني بأن أحد أهم أعمدة استراتيجية “تصدير الأزمات” قد انهار بشكل مدوٍ.
تفاصيل الانهيار: بين التهديدات الجوفاء والواقع المرير
عندما يعلن أكبري من على المنبر أن “قوات المقاومة وشباب سوريا سيحررون سوريا”، فهو لا يكشف عن خطة عسكرية وشيكة، بل يعبر عن أمنية يائسة ورغبة في إنكار واقع مؤلم. فالتقارير الميدانية من سوريا تحكي قصة مغايرة تماماً، قصة تآكل النفوذ الإيراني الذي كان يُعتقد يوماً أنه مطلق. حادثة اعتقال عناصر من الحرس الثوري في منطقة البوكمال الحدودية على يد قوى الأمن الداخلي السوري لم تكن مجرد حدث أمني عابر، بل كانت رسالة رمزية قوية مفادها أن قواعد اللعبة قد تغيرت. النظام الذي كان يعتبر سوريا “محافظته الخامسة والثلاثين” وجزءاً لا يتجزأ من مجاله الحيوي، يجد نفسه اليوم مطارداً ومقيداً في نفس الأراضي التي أنفق الغالي والنفيس للسيطرة عليها.
وفي محاولة يائسة للتشبث بما تبقى من أوراق، لجأ أكبري إلى الإشادة بـ”وحدة الساحات” وبأذرع النظام الممتدة من اليمن إلى لبنان. لكن هذا الاحتفاء لم يكن استعراضاً للقوة، بل كان محاولة
ارسال الخبر الى: