هبة باسل
٦٣ مشاهدة
الوطن العدنية/كتب/خالد بن سعد الشنفري
السّاعة تشير إلى السّادسة صباحا. أسرعت أم سالم لإيقاظ ابنها الأصغر باسل؛ ليستحمّ استعدادا للذّهاب إلى مدرسته. تركته يعتمد على نفسه كما عوّدته، وانشغلت بتجهيز الإفطار. استغلّ باسل هذه الدّقائق المعدودة، وتسلّل خلسة إلى غرفة المجلس، أفرغ حقيبته المدرسيّة من الكتب والدّفاتر وخبّأهم في مكتبة المجلس بدهاء؛ كي لا يلحظهم أحد. فعل فعلته، وأكمل تراتيبه اليوميّة كأنّ شيئا لم يكن، ولم ينمّ عنه أيّ توتّر أو ارتباك يوحي بأنّه أقدم على فعل أمر ما. كان طبيعيا جدا؛ تناول إفطاره، شاكس والدته وأخذ منها خمس ريالات بتحايل لذيذ؛ تحدّاها وكانت تخسر في كلّ مرّة وسحبهم منها ريالا ريالا وهي تضحك بلذّة، مشّط شعره، تناول حقيبته، وخرج إلى مقدّمة بيتهم لانتظار الحافلة. ودّعته أم سالم براحة وابتسامة على غير العادة؛ وهي تردّد بداخلها: كبر آخر العنقود! له معزّة خاصّة، سبحان الله! الله يحميه ويحفظه! يا رب أشوفه بأعلى المناصب! أغلقت خلفه باب البيت الخارجي، ورجعت ترتّب بعض الأشياء، وكلّ فترة تنرسم على ثغرها ابتسامة كلّما تذكّرت المتحايل الصّغير باسل وكلامه العذب، وأحيانا تقهقه انتشاء. لم تتوقّف عن ذلك إلاّ عندما نامت. غفيت بعمق وراحة، ولم تستيقظ إلاّ وقت الظّهر؛ لتعدّ وجبة الغداء قبل أن يعود أبو سالم والأولاد إلى البيت، وكانت بين الفينة والأخرى تحادث نفسها: لأوّل مرّة يكون معه مبلغا أكبر من حجمه ههه.. ترى ما سيفعل به؟ أيعقل أن يضيّعه؟ قد يشتري به شكلاطة وحلوى، أو قد يشتري به سندويتشات غير صحية. يا ليتني نبّهته أن يحسن التّصرّف به! قد يتقاسمه مع أصدقائه أو يساعد محتاجا! يا ليته يفعل ذلك، سأكون فخورة حقا، وأسعد كوني أسميته باسل! عموما هو الآن بالطّريق وما إن يصل، سأسأله عمّا فعله بالمبلغ، وأكتشف حسن تدبير آخر عنقودي!انتظرته نصف ساعة بأكملها بعد وقته المعتاد للوصول؛ فساعة ولم يصل بعد. بدأ القلق ينخر بالها كلّ دقيقة: تأخّر باسل كثيرا! ممّا جعل أمّه تشعر بالنّدم وتردّ على قلقها بقلق أكبر: أنا
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على