ما زالت شركة نوكيا تحاول العودة إلى سوق التكنولوجيا بعد تراجعها عام 2007 مع دخول آبل وسامسونغ سوق الهواتف النقالة الذكية ثم هزيمتها كليا عام 2013 وكثير منا يتذكر الفيديو الشهير لمدير الشركة ستيفن إيلوب باكيا حين استحوذت شركة مايكروسوفت عليها عام 2014 حين قال لم نفعل شيئا خطأ لكننا خسرنا بالطبع الخطأ واضح نوكيا لم تتبن نظام أندرويد فدخلت في عوالم النسيان في كل فترة تحتل نوكيا نشرات الأخبار لساعات ثم يختفي الأمر آخر هذه المحاولات إعلان الشركة أن مديرها التنفيذي بيكا لوندمارك اتصل هاتفيا باستخدام تقنية الصوت والصورة الغامرة لأول مرة التي وصفت بأنها تجربة جديدة في الاتصالات لتبدو وكأنها أقرب إلى الحديث الطبيعي وأوضحت الشركة أن هذه التقنية ممكنة بسبب امتلاك الهواتف النقالة الجديدة ميكروفونين على الأقل ولا بد على صناع سماعات الرأس البدء بتطبيقها لكن هذه ليست المرة الأولى التي تظهر علينا الشركة باختراع كهذا إلا أنها هذه المرة على الأقل تراهن على الجديد وليس النوستالجي كحالة النسخة الجديدة من هاتف 3310 التي صدرت عام 2017 في استعادة لصلابة ومتانة الهاتف الأصلي الذي كان يدعى الدبابة وذلك لتحمله الصدمات وطول عمر بطاريته قبل أن تحتاج إلى أن تشحن من جديد الرهان حينها كان على اقتحام السوق مرة أخرى بهاتف ليس ذكيا في محاولة لجذب المستهلكين الذين ضاقوا ذرعا بالهواتف الذكية وفضائح انتهاك الخصوصية والإدمان على الشاشات لكن الهاتف وعلى الرغم من الإقبال على شرائه لم ينتشر كما هو مطلوب ومتوقع واتهم بعدم مواكبة الحياة العصرية ليكون أشبه بتذكار من زمن قديم محاولة أخرى قامت بها الشركة العام الماضي حين أطلقت الهاتف الذكي G22 الذي يتميز بأنه يمكن للمستخدم إصلاحه بنفسه فكه وتركيبه واستبدال القطع بواسطة أدوات تباع مع الهاتف نفسه لكنه لم ينل الشعبية الكافية أيضا الواضح أن محاولات نوكيا ما زالت تراهن على الماضي ونمط حياة سابق يتسق من فترتها الذهبية حين كان إصلاح الهاتف أو على الأقل استبدال بطاريته أمرا منزليا ليس كما الآن فالهاتف أمسى أشبه بتكنولوجيا غريبة ومغلقة وملساء لا يمكن المساس بها إلا عن طريق المختصين بصورة ما نوكيا لا تحاول تغيير السوق ولا إضافة ما هو جديد بل العودة في الزمن لكنها في كل مرة تبدو خارج العصر المفارقة أن الصفحة الأولى من متحف الهواتف النقالة الرقمي تعلن عن نفسها بهاتف نوكيا 3310 وكأن نوكيا أمر أركيولوجي هواتفها أقرب إلى التحف التي نتأملها ونفكر في الزمن الماضي وهذا ما يحيلنا إلى المحاولة الحالية فتقنيات الصوت التي تقترحها نوكيا ليست جديدة بل تشابه تلك الموجودة في تقنيات الواقع الافتراضي لكن هذه المرة الأولى التي لا تطرح فيها الشركة جهازا جديدا بل تكنولوجيا يمكن استخدامها ضمن هواتف أخرى أزمة نوكيا تكمن في فهم السوق صحيح أنها للوهلة الأولى تبدو كمن يراهن على متطلبات المستهلكين كهاتف صلب أو هاتف يمكن إصلاحه في المنزل لكن نحن لسنا في زمن العرض والطلب بل زمن الاستهلاك الأعمى والرغبات الرأسمالية التي تخلق الرغبات ولا تلبيها وربما هذه مشكلة نوكيا أي الإيمان بأن المستهلك يعرف ما يريد أمر آخر لا بد من الإشارة إليه هو مقدار الثقة بـنوكيا فمن يمكن أن يتعامل معها بعد أن فوت فرصة ذهبية وتحولت من ملك سوق الهواتف النقالة إلى أمر متحفي حتى الآن ما من شيء واضح حول مستقبل هذه التكنولوجيا لكن ربما على نوكيا الاستغناء كليا عن ماضيها والتحول إلى ما هو مختلف كليا وربما المثال الأوضح على ذلك شركة إيبسون التي كانت شركة تصنيع ساعات ثم تحولت إلى الطابعات أي ببساطة غيرت السوق ولم تحاول العودة إليها