كيف نفهم دماغ مرضى التوحد واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه
٣٤ مشاهدة
قد يتشارك مرضى التوحد واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه في العوارض ذاتها ولا توجد سمات مختلفة تميزهم وفقا لكل الإسقاطات القديمة غير أن فهم مصطلح التنوع العصبي يمكن أن يساعد في التعرف إلى هذه الاضطرابات وطريقة التعامل معها والاختلافات في أدمغة الناس وهو ما ركز عليه تقرير لصحيفة ذا غارديان البريطانية مشيرا إلى أنه رغم كون التنوع العصبي مصطلحا جديدا نسبيا في عالم الطب النفسي لكن المرضى كانوا أول من تحدث عنه وأشاروا إليه كسبب في فهم حالتهم النفسية والعقلية مرضى التوحد ومشاركة الأفكار عبر الإنترنت تمكن المصابون بهذه الاضطرابات منذ سبعينيات القرن الماضي وبمساعدة الإنترنت من مشاركة أفكارهم ونقل تجاربهم اليومية مع هذه الأمراض مستخدمين مفردات التنوع العصبي في مناقشاتهم والتي بدأت تأخذ منحى مختلفا في دراسات العلماء والأكاديميين حيث يعرف التنوع العصبي بأنه وصف يتناول الاختلافات في طريقة عمل أدمغة الناس ووفق مؤسسة child mind institute فإن فكرة التنوع العصبي تعني أنه لا توجد طريقة صحيحة أو وحيدة لعمل الدماغ وبدلا من ذلك هناك مجموعة واسعة من الطرق التي يدرك بها الناس العالم ويستجيبون له وتوصي المؤسسة بضرورة احتضان هذه الاختلافات وتشجيعها ووفق الخبراء يعيد التنوع العصبي تشكيل التفكير في العلوم بشكل عام ومدى تداخل العلوم النفسية والاجتماعية مع الطب إذ يشارك الأشخاص المتباينون عصبيا بشكل أكبر في البحث وفي اللغة المستخدمة لوصفهم كذلك يتشابك مع مفهوم التنوع العصبي تحول مستمر في كيفية بناء نموذج اجتماعي للإعاقة ويفترض أن العديد من الإعاقات التي يعاني منها الأشخاص المتباينون عصبيا لا تنتج عن شيء خاطئ في الدماغ ولكنها قد تعكس الاحتكاك الذي ينشأ عندما يتحرك شخص متباين الأعصاب عبر عالم نمطي عصبي تحسين الأفكار لدى مرضى التوحد تقول البروفيسورة فرانشيسكا هابي من معهد الطب النفسي وعلم النفس وعلم الأعصاب في كينغز كوليدج في لندن لصحيفة ذا غارديان ساعد مفهوم التنوع العصبي في إدراك كيفية التعامل مع المرض لم يعد الحديث عن علاج مرض التوحد على سبيل المثال بل بات محاولة من الخبراء لتحسين الأشياء والأفكار في دماغ المريض وفهم الأشياء المصاحبة له مثل القلق والاكتئاب والصرع والإعاقة الذهنية وضعف اللغة آباء فضلوا إصابة أبنائهم بأمراض معدية بدلا من الإصابة بالتوحد ولمفهوم التنوع العصبي قوة مؤثرة على المستوى الفردي إذ أجرت الدكتورة مونيك بوتا وهي مصابة بالتوحد وزميلة أبحاث في علم النفس بجامعة ستيرلنغ مقابلات مع أشخاص مصابين بالتوحد للحصول على درجة الدكتوراه ووجدت مفاهيم مختلفة حول ربط الأمراض بعضها ببعض فعلى سبيل المثال رفض بعض الآباء تطعيم أبنائهم ضد أمراض معينة خوفا من إصابتهم بمرض التوحد كنتيجة لنظريات سابقة ربطت بين إمكانية أن يؤدي التطعيم إلى الإصابة بمرض التوحد ومع ذلك فقد جرى دحض تلك الدعاوى وأظهرت التجربة أن الآباء فضلوا حينها إصابة أبنائهم بأمراض معدية بدلا من الإصابة بالتوحد ولم يكن حينها واضحا بالنسبة للأهل أن مرض التوحد هو مرض يتعلق بالناقلات العصبية وطرق عمل الدماغ ولا علاقة له بأمراض أخرى 15 بالمائة من سكان العالم يعانون من انحراف عصبي بحسب الدراسات فهناك حوالي 15 من سكان العالم يعانون بشكل ما من انحراف عصبي في المملكة المتحدة يعتقد أن 1 على الأقل من الأشخاص مصابون بحالة طيف التوحد وحوالي 4 مصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه وعسر القراءة بالإضافة عسر الحساب صعوبة في فهم الأرقام وتعود جميعها إلى كيفية نمو الدماغ وفي الولايات المتحدة جرى وصف الارتفاع المطرد في تشخيص مرض التوحد بأنه وباء وهي كلمة مخصصة للإشارة إلى الأمراض المعدية مما يعني أن مرض التوحد نفسه آخذ في الارتفاع وبالنسبة إلى كثير من الباحثين هذا لا يبدو صحيحا ويعتقدون أن هذه الزيادة ترجع إلى عوامل أخرى مثل التغيرات في طريقة تعريف مرض التوحد تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن 1 من كل 100 طفل في العالم مصاب بالتوحد كذلك تشير إحصاءات CHADD وهي منظمة توفر التعليم والدعوة والدعم للأفراد المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه وأسرهم إلى أن 7 2 في المائة من إجمالي عدد السكان أي ما يقارب من 129 مليونا وهو تقدير تقريبي لعدد الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه في جميع أنحاء العالم خلال ما بين العامين 2020 2022 فيما تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن 1 من كل 100 طفل في العالم مصاب بالتوحد يمثل هذا التقدير رقما متوسطا ويختلف معدل الانتشار المبلغ عنه بشكل كبير عبر الدراسات وهذه الأرقام توضح بشكل لافت أن المرضى لا يعانون من نفس العوارض وبينهم اختلافات واضحة فرط الحركة والنشاط الزائد عادة ما يتم تشخيص مرض فرط الحركة على أنه قوى تجعل الأشخاص يتصرفون بشكل عشوائي وعادة ما كان الأطباء يدرسون العوارض للمرضى الأطفال في سن السابعة تقريبا ويعتبرون كل من يتحرك بشكل لافت من أصحاب المرض إلا أن الدراسات تبدلت وتبين بفضل مفهوم التنوع العصبي أن مرض فرط الحركة قد لا يتعلق فقط بالنشاط الزائد وقد لا يظهر عند سن السابعة بل قد يظهر في سن الثانية عشرة ومن خلال عوارض مختلفة كذلك الأمر بالنسبة إلى مرض التوحد فقد سعى الكثير من الخبراء والعلماء إلى اعتبار سبب المرض ناتجا عن عوامل وراثية وهو ما لفتت إليه كل من سوزان فولستين ومايكل روتر في جامعة كينجز كوليدج في لندن إذ كتبا أن مرض التوحد كان وراثيا بالنسبة إلى حالات عديدة وبعد فترة وجيزة تطرقت لورنا وينج وجوديث جولد من جامعة كينغز إلى استخدام مصطلح طيف التوحد بالنسبة لبعض الأشخاص أو الأطفال الذين يعانون من تكرار سلوكيات معينة وتوضح هذه التحولات كيف بنى الخبراء أحكامهم حول ماهية الأمراض دون الاعتراف بالسمات المختلفة لدماغ كل طفل أو شخص وترى البروفيسور باتريشيا هولين المحررة المؤسسة لمجلة التوحد أن التنوع سمة أساسية ورئيسية للمرض وبحسب أبحاثها ودراستها فإنه يمكن للمرضى خلال مرحلة عمرية معينة أن يكونوا أكثر إنتاجية من غيرهم إذ قد يكونون علماء أو فنانين بارعين في أحد طرفي الطيف وعلى الطرف الآخر هناك أشخاص مصابون بالتوحد يحتاجون إلى المساعدة في جميع أنشطتهم اليومية تقريبا وينصح الخبراء بأن الدعم المناسب يعد أمرا ضروريا ولا بد للكوادر التعليمية في المؤسسات التربوية من التدرب على كيفية التعامل مع الأطفال وفقا لاحتياجاتهم إذ تساعد المعلومات الواضحة حول التغييرات في الأنشطة في مساعدة كل طفل على حدة كما يعد تحسين البيئة أمرا أساسيا لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه أيضا فوفقا للدكتور ماكس ديفي طبيب الأطفال الاستشاري في لندن يستخدم تشبيه الدماغ الجائع الذي لا يتم تحفيزه بشكل مزمن من خلال النشاط ويعتبر أن الناس بحاجة إلى فهم اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه ومعرفة كيفية الاستجابة له من خلال بناء علاقات إيجابية