توصف المغنية اللبنانية نوال الزغبي بالذهبية ما يحيل إلى مقولات شعبية راجت وشاعت بأن الناس معادن وإذا كانوا كذلك فثمة معدن نفيس وآخر زهيد كما أن هناك حجرا كريما وآخر يركل بالأحذية حين يتعثر به شخص غاضب عثر كاتب المقال بالصدفة على تصريحات للزغبي على هامش مشاركتها في مهرجان موازين إيقاعات العالم المغربي فانتابه الغضب وفكر في أن يخرج ويمشي حتى يهده التعب وإذا تعثر بحجر ركله بمعدن غير نفيس ألقى به في حاوية النفايات لكنه تذكر أن الزغبي تظل ذهبية ولو في الوصف على الأقل فسعى جاهدا لتنفيس غضبه بوسائل أخرى ملخص ما قالته النجمة اللبنانية أن على الحياة ألا تتوقف لأن هناك حرب إبادة في غزة فالحروب في المنطقة متواصلة منذ سنوات والحال هذه فإن المقاطعة لن تساهم في حل الأزمات لقد وقفنا في بداية الحرب وتضامنا لكن لم نعد نستطيع أن نوقف حياتنا وعملنا بل نستطيع أن نساعد من المكان الذي نحن فيه بصوتنا بعملنا وبأشياء كثيرة ومنها كما قالت إنها من أوائل النجمات اللواتي تضامن مع غزة بتقديمها أغنية عن القدس كذلك نظمت عددا من الحملات الخيرية في مصر لدعم المرأة الفلسطينية ولكنها لم تعلن ذلك لأنها لا تحب فكرة التباهي قالت ذلك بالعامية بالطبع وفي ظني أن ثمة من صفق لها ومن نظر إليها مفتونا ما يعني أن النقاش معها لو حدث خلال مؤتمرها الصحافي سيكون خارج السياق الذي تتحرك فيه الفنانة وجمهورها فما معنى أن يذكرها أحد الصحافيين بأن أغنيتها عن القدس تعود إلى عام 2000 أي إلى ما قبل 23 عاما من حرب الإبادة على غزة وبأن رأيها في مفهوم التضامن قد يكون صحيحا ولكنها أدرجته في سياق جزئي وبغرض التبرير لا التوضيح فصحيح أن الفنان يتضامن بالأدوات التي يعرفها وصحيح أنها غير مطالبة بغير ذلك ولكن هذا وذاك يغفلان أنها هي نفسها شاركت في دعاية لمنتج مقاطع بثت بينما كان الغزيون يقتلون ليس لأن الحياة يجب ألا تتوقف ولكن لأن العائد المادي الذي تلقته كبير ومغر رغم أن توقيت البث فيه انحياز فاضح ووقح لطرف على آخر والطرف الأخير بالمناسبة هو من يقتل ويباد ومن بكت من أجله الفنانة الذهبية كما قالت لم يدع أحد الفنانين إلى أن يكونوا أبطالا يلبسون الزي المرقط ويحملون الرشاشات ويتدافعون لعبور الحدود للدفاع عن الغزيين كما لم يطالبهم أحد بالتوقف عن الغناء بل إظهار بعض التعاطف إذا اضطروا ومحاولة الانسجام مع ما يفترض أنها مسؤوليات أخلاقية تعاقدية إزاء جمهورهم لم نسمع أو نقرأ عن اقتحام مناصرين لغزة فندقا في المنطقة أقيمت فيه حفلة غنائية كذلك فإن رافضي إقامة المهرجانات الفنية لم يطالبوا الفنانين المشاركين فيها بتعطيل حياتهم والتوقف عن إنتاجهم من أجل غزة ما داموا قد شاركوا وانتهى الأمر بل أن يحاولوا تمرير موقف أو أغنية أو حتى مجرد إشارة تؤكد تضامنهم مع الغزيين لا من أجل الغزيين فقط بل من أجل الحفاظ على التعاقد الضمني مع جمهورهم بأنهم يعنون بما يعنيه ويهتم به ولو جزئيا كان بإمكان الزغبي وقد لبست فستانا أحمر في حفلة موازين تقديرا منها للون العلم المغربي كما قالت وهذا يعني فهمها للعلاقة التعاقدية مع جمهورها أن تتوشح بالكوفية الفلسطينية ولو لدقائق خلال مؤتمرها الصحافي أو حفلتها أو تعيد أداء أغنيتها عن القدس أو تطالب جمهورها بالوقوف دقيقة صمت من أجل غزة الذبيحة ونسائها الثكالى التي قالت إنها نظمت حملات خيرية من أجلهن لم يسمع بها أحد لكنها لم تفعل شيئا من هذا أما لماذا الغضب فليس لأنها لم تفعل ما سبق ذكره بل لأنها تحدثت بما يتعارض مع مواقفها الحقيقية وأظن أنها قرأت ما كتبه إيدي كوهين من تهديد باجتياح بلادها بل ووعده بالسهر معها في مطعم كرم في برمانا بمعية نجوى كرم ووائل كفوري فالحياة لا تتوقف أيضا بالنسبة إليه ونقصد قتل الغزيين وسواهم أيتها الذهبية التي لا نرضى لها أن تجالس كوهين أو تنادمه لا لشيء إلا لأن الناس معادن كما قالت العرب