نتنياهو يدخل على خط الانتخابات الأميركية وبايدن يدفع ثمن سياسته
٣٨ مشاهدة
تعرضت العلاقة بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لهزة نوعية جديدة ومع أن التوترات الأميركية الإسرائيلية مسألة مألوفة وبالتحديد بين نتنياهو وإدارة بايدن ورغم أنها تبقى دائما ضمن حدود المناكفة العائلية إلا أنها هذه المرة لامست العصب النخاعي للبيت الأبيض تسجيل نتنياهو فيديو وباللغة الإنكليزية يزعم فيه أن الإدارة أوقفت تزويد إسرائيل بالأسلحة والذخائر وهي في حالة حرب بدا وكأنه إعلان انتخابي موجه إلى الناخب الأميركي ضد الرئيس بايدن قبل أيام من أول مناظرة بينه وبين منافسه الرئيس السابق دونالد ترامب عادة لا إسرائيل ولا الصوت اليهودي يلعب الدور الحاسم في انتخابات الرئاسة لكن له حضوره ويحسب له حساب خصوصا في المعركة الحالية التي تقاس الفوارق فيها بالشعرة ثم إن أصوات المعتدلين من المتدينين والمستقلين المتعاطفين مع الدولة العبرية في حرب غزة يمكن أن تكون بمثابة بيضة القبان في الخامس من نوفمبر تشرين الثاني ومن هنا كان تكذيب الإدارة لنتنياهو وبلهجة غاضبة ومسارعتها إلى إلغاء اجتماع أميركي إسرائيلي كان مقررا عقده أمس الأربعاء في واشنطن بخصوص ايران جاء هذا التطور وسط جدال بين الجانبين حول موضوع قنبلة الألفي رطل التي أوقفت الإدارة تسليمها مؤقتا لإسرائيل خشية استخدامها في أماكن مكتظة بالسكان في رفح كما يقول المسؤولون لكن نتنياهو فضح هذه الذريعة حين قال الاثنين الماضي إن وزوير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن وعده قبل أسبوع بإزالة هذا الحظر المؤقت وبلينكن الذي لم ينكر قال أول أمس الثلاثاء إن الإدارة ما زالت تنطر في الأمر فكان أن رد نتنياهو بالفيديو لكن مسألة القنبلة والذخائر هي ظاهر الخلاف الأبعد من التسليح بايدن وقف إلى جانب إسرائيل وفتح حنفية تزويدها بما تحتاجه في حربها على غزة كما لم يفعله أي رئيس أميركي من قبل مشكلته مع نتنياهو أن هذا الأخير كان من وجهة نظر بايدن ناكرا للجميل وتسبب له بالكثير من الإحراج والخسائر السياسية الانتخابية ويهدد بتوريطه في حرب واسعة في المنطقة وفي عام انتخابي صعب لكنها مشكلة من صنع الرئيس الذي لم يأبه بالتحذيرات من عواقب التمادي في التهاون مع نتنياهو وبقي تعامله مع الحرب محكوما بنظرته الطوباوية إلى إسرائيل وارتباطه الصهيوني بها والذي تباهى مرة بالإعلان عنه وبما جعله يتعاطى مع الحرب على غزة من موقع المجاراة مع حكومة نتنياهو على أساس أنه ملكي أكثر من الملك ولم يسبقه رئيس أميركي إلى مثل هذا التماهي ومن هنا كان إصراره على التمسك بسياسة الاسترضاء واعتماد سياسة الترقيع والتلصيق مع انتهاكات ومعاكسات إسرائيل مثل استبدال إجبار إسرائيل على فتح المعابر بمهزلة الرصيف البحري الذي سرعان ما صار خارج الخدمة بعدما كلف 350 مليون دولار واستغرق بايدن أشهرا ليقرر وقف تسليم إسرائيل قنبلة الألفي رطل بعدما فتكت بالقطاع وحصدت مع غيرها من الأسلحة 37 ألفا من الغزيين ويبدو من الردود أن نتنياهو كان يسعى إليها قبل توسيع حربه على الجبهة الشمالية التي رجحت احتمالاتها في الآونة الأخيرة والتي جرى إيفاد المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين على وجه السرعة إلى المنطقة لإحباطها ويبدو أنها انتهت كسابقاتها من جولات المسؤولين وخاصة وزير الخارجية إلى المنطقة التي أفشلتها إسرائيل والتي صار تكرارها عملية مهينة للوزير وللإدارة بتعبير المعلق المعروف توماس فريدمان وهو أحد الأصوات اليهودية التي شاركت في التحذير من ألاعيب نتنياهو وتداعياتها على الادارة انتخابيا كما على الولايات المتحدة ومصالحها في المنطقة وفي خلفية هذه التحذيرات يكمن قلق وتخوف عميقان من تداعيات مشاكسات نتنياهو لواشنطن على المدى الأبعد سواء على مستوى علاقات إسرائيل مع هذه الأخيرة أو على مستوى أمنها الذي صارت واشنطن بعد السابع من أكتوبر تشرين الأول الضامن الأساسي له طبعا خصوصية وتاريخ العلاقة بين الاثنين هو الضامن من هذه النواحي في المدى المنظور لكن الجهات الأميركية واليهودية الحريصة على استمرار علاقة التلاحم بينهما لا تستهين بتنامي التيار المناوئ والرافض لإسرائيل وسياساتها في الضفة والقطاع والذي عكسته الاعتصامات والتظاهرات الطلابية الواسعة خلال الأزمة والتي ما زالت تعبيراتها حية في بعض الجامعات كما أن هذه الجهات تنظر بعدم ارتياح أيضا إلى تنامي الصوت المعترض على إسرائيل في الكونغرس خصوصا الديمقراطي الذي ينتمي إليه معظم اليهود الأميركيين ولو أنه ما زال يمثل الأقلية لكن بلوغ كتلته حدود الأربعين في مجلسي النواب والشيوخ يشير إلى بدايات تغيير في هذه المؤسسة الرئيسية في صياغة القرار الأميركي والتي كانت على الدوام وبشبه إجماع العمود الفقري لنفوذ إسرائيل والحاضن الأهم لها في واشنطن وعلى الرئيس بايدن أن يسارع إلى تصحيح علاقاته مع هذا الفريق التي اهتزت أخيرا بسبب سياسة الشك على بياض التي اعتمدها مع إسرائيل في هذه الحرب