نتنياهو يحاصر العرب من جدارهم الخلفي
ما كان يُدار في الأقبية السرّية ويُطبخ في كواليس الموساد أضحى خبراً معلناً، وفي عناوين الأخبار وبخطّ عريض. اعترفت الحكومة الإسرائيلية بحكومة أرض الصومال، التي كانت تنشد اعترافاً إقليمياً ودولياً منذ أكثر من ثلاثة عقود. لم يكن مفاجئاً أن هرجيسا سترتمي في حضن نظامٍ مارقٍ أدمن ارتكاب الفظائع والمجازر بحقّ الفلسطينيين منذ 1948، ويخرق المواثيق الدولية وينتهك سيادة دول عربية وإقليمية في الشرق الأوسط. لكن التوقيت الذي اختاره نتنياهو خلط الحسابات وأربك المشهد في المنطقة، فهو يريده جزءاً من لعبته القذرة في تهجير سكّان غزّة، وورقة مساومة أمام ترامب، تمهيداً للمحادثات المتعلّقة بالمرحلة الثانية من وقف العدوان الإسرائيلي على غزّة.
التوقيت الذي اختاره نتنياهو للاعتراف بأرض الصومال أربك المشهد في المنطقة، فهو يريده جزءاً من لعبته القذرة في تهجير سكّان غزّة
تتمتع أرض الصومال بموقع استراتيجي حيوي؛ تطل على خليج عدن ولديها ساحل طويل (460 ميلاً) يسيّل لعاب الطامعين الإقليميين والدوليين نحوه. وقد باتت ساحة تنافس دولية منذ حرب غزّة عام 2023. كذلك برزت أهميتها الجيو–استراتيجية مع تصاعد هجمات الحوثيين على السفن الأميركية وصواريخهم التي ضربت الموانئ الإسرائيلية وشلّت حركة بعضها اقتصادياً، ما جعل ميناء بربرة مغناطيساً جاذباً لنفوذ الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل. إذ زار وفد أميركي ميناء بربرة في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، لدراسة إمكانية إقامة قاعدة أميركية– إسرائيلية لاستهداف الحوثيين والجماعات المرتبطة بالقاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش). كما أن الهدوء النسبي في أرض الصومال، في منطقة موبوءة بالاضطرابات الأمنية والتقلّبات السياسية، أعطاها زخماً إعلامياً بوصفها منطقة مستقرّة. هذا بالإضافة إلى غياب دولة صومالية قوية يمكن التفاوض معها في ما يتعلّق بقضية أرض الصومال، فضلاً عن انهيار المفاوضات بين مقديشو وهرجيسا العام الماضي.
تبدو مخاوف الصومال إزاء اعتراف نتنياهو بحكومة أرض الصومال متمثّلة في ثلاثة معطيات: أولاً، أن تشجّع الكيانات الفيدرالية التي تتألّف منها الحكومة الصومالية على المطالبة بالانفصال، وتفكيك ما تبقّى من الوحدة الجغرافية الصومالية إلى كياناتٍ مفكّكةٍ ودولٍ صغيرة، ما يستدعي سيناريو البلقنة في القرن الأفريقي. وثانياً،
ارسال الخبر الى: