ميسلون فرج بيوت بين زلزالي غزة والجائحة

٣٣ مشاهدة
منذ عام 2014 كانت البيوت مجالات التعبير لدى الفنانة العراقية ميسلون فرج ولم تكن التشكيلية المقيمة في بريطانيا منخرطة في مشروع بقرار ذاتي محض يتأمل فكرة البيت على مهل بل استجابة رئيسية لزلزالي الحرب والجائحة وبينهما عودة الفنانة إلى أول منزل في بلدها على مدار عشر سنوات كان على ميسلون فرج أن تطرح تحت ضغط اللحظة العنيفة رؤيتها التي تسيل منها الألوان والدلالات من خلال الاستعارة لا التسجيل هذا ما تمنحه عشرات اللوحات والمنحوتات الجصية في معرضها البيت شهب وأجنحة رحلة عشر سنوات 2014 2024 المقام في غاليري المرخية بمقره في مطافئ مقر الفنانين بالدوحة حتى الحادي والعشرين من حزيران يونيو المقبل بالتعاون مع مشروع دار حصة للفنون وقد قالت صاحبة المشروع الفنانة التشكيلية القطرية هنادي الدرويش إن الفكرة بزغت عام 2019 وهو المعرض الفردي الأول لفرج في منطقة الخليج العربي استأذنت الفنانة الحضور بتقديم إطلالة تعريفية بهذه الأعمال عبر عقد من الزمن بدأ منذ 2014 واختتم في 2024 وما بين التاريخين توسعت الإبادة وصارت الجريمة في غزة أبعد من تصورها وقد طلبت بصوتها الخفيض الواثق وقوف الجميع دقيقة حداد تشمل الأعمال المعروضة عقدا من الزمن بين 2014 و2024 وهذه السلسلة الأولى من رحلة السنوات العشر حملت عنوان طيران بلا أجنحة وأنجزت في أثناء عدوان الاحتلال على غزة تحت اسم الجرف الصامد وكانت الفنانة تتابع التقليد الحربي للاحتلال وهو ينذر سكان البيوت أو العمارات المراد قصفها بمناشير وضربات تحذيرية تليها الضربة المدمرة وهي تحيلها إلى ركام وقالت إن الطيران بلا أجنحة هو الموازي بالضبط لعملية تدمير البيت عبر انتزاع جناحي الكائن وتركه ليطير وبهذا المعنى كان الفلسطيني يبلغ بأن بيته لن يعود موجودا ليس وحده بل الجماعة التي يعرفها ويقاسمها الذاكرة والعقاب الجماعي واستعارة الطيران بلا أجنحة لا تكتمل دون إدراك المعنى الوجودي للبيت العش الذي ونحن نحتفي بالطيران نكون مسكونين بالعودة إليه أو حمله رمزيا في داخلنا وعليه جاءت قصاصات الخشب كل واحدة منها ملونة بلون بالغ الدقة والصراحة تتجمع بعضها مع بعض كأجنحة غير أنها ثابتة بشدة حتى تبدو بلا حراك الحركة الوحيدة التي تخرج من السياق هي الدائرة البرتقالية التي تمثل حبة برتقال مجردة من كرويتها وبسطح دائري لتكون كالشمس فوق الأجنحة لدى استعادة الصورة 2014 كنا في زمن الجريمة البشعة المستمرة في 2024 على فلسطينيي غزة حيث انتهت سياسة العقاب الجماعي التي تستهدف جزءا من الفلسطينيين إلى جرف الوجود البشري في حرب لا تكفيها إطاحة الأحياء السكنية بالقنابل بل ملاحقة الأفراد وخيم النازحين بالمسيرات وقذائف المدفعية في المرحلة الموالية تجاورت أعمال التجريد الهندسي في سلسلة شهب وأجنحة من بغداد إلى باريس مع تجريدات على الألواح الرغوية في سلسلة تقاطعات والحال أن اللعبة البصرية تعمد في تقاطعات إلى البساطة الهندسية وموهبة التلوين في قصاصات مركبة كان يمكن أن تكون تصميما معماريا لولا الإزاحة التي تخرجه من الجمال الوظيفي إلى انكشاف الذات لعبة بصرية تعمد إلى البساطة الهندسية وموهبة التلوين وأتت تأملات النجوم والشهب التي أنجزتها خلال فترة إقامتها الفنية في باريس عام 2018 من ذاكرة عراقية ولطالما حكت ميسلون فرج في حواراتها الصحافية عن جذورها التي لا تنقطع حتى وإن ولدت في أميركا وعاشت أغلب عمرها متنقلة بين ضفتي الأطلسي إلا أن سنوات عيشها في البلاد منذ عام 1968 وخصوصا عند دراستها العمارة في جامعة بغداد رسخت بطاقة هويتها بوصفها مشروع فنانة ستعرف طريقها من وادي الرافدين إلى العالم من سطح البيت العراقي كانت النجوم الساهرة تظهر محتشدة في كتاب فني آرت بوك من الورق المقوى يتوسطها قمر أما الشهب فخصصت لها لوحات الكانفاس لتثبت عليها آخر صورة للشهب في رأسها وهي التي يجب أن تكون رؤوس زوايا في مثلث أو شبه مثلث استعادت الفنانة ذاكرة تعلق بالروح تمثلها السطوح العراقية التي تصعد إليها العائلات للسهر والنوم هربا من ارتفاع درجات الحرارة في أيام الصيف الثلث الأخير من السنوات العشر شهد واحدة من أسوأ الجوائح التي عرفتها البشرية جائحة كورونا بين عامي 2020 و2022 وفي عزلتها أنتجت عددا كبيرا من اللوحات التي استلهمت عزلات فنانين سابقين مثل الهولندي فان غوخ الذي كان واقعا تحت حرب خلاياه العصبية والفرنسي هنري ماتيس الذي أذعن لعزلة فرضتها الحرب العالمية الثانية عليه وقد اكتشف في الأثناء إصابته بالسرطان غالبية لوحات المعرض قادمة من فترة الحجر الصحي ما جعلها تعمق استكشافها ثيمة البيت إنها ترى كل شيء وتعيد رؤيته من داخل الحجر ولا يظهر العالم الخارجي إلا نادرا في طيف خفيف من النافذة تنظر إلى أثاث البيت أفقيا ومن الأعلى وتعود ثانية لرسم مكان العزلة كما لا يضع المرء قدمه في النهر مرتين إنه ليس مكانا جامدا حتى ما نسميها الطبيعة الصامتة تدركها كما أدركها فنانون آخرون لا يمكن أن تكون صامتة إذا ما نظرنا إليها مرتين وكما فعلت في سلسلة طيران بلا أجنحة تهرب ميسلون فرج من السياق المركز في بؤرة اللوحة إلى خطف جزء منها ورميه بعيدا عن البؤرة تكرر هذا في اللوحات التي تظهر فيها سلال الفاكهة هناك دائما حبة برتقال وحيدة لا ترغب في العودة إلى السلة ولا أحد يساعدها على ذلك خصوصا حين يريحنا أنها تضفي حركية متجددة يذكر أن أعمالا كثيرة للفنانة هي من ضمن مقتنيات عامة حول العالم بما في ذلك المتحف البريطاني في المملكة المتحدة والمتحف الوطني للمرأة في الفنون في الولايات المتحدة الأميركية ومتحف روتردام في هولندا ومؤسسة الآغا خان في كندا والمملكة المتحدة ومؤسسة بارجيل للفنون في الإمارات العربية المتحدة والمتحف الوطني الأردني في عمان ومركز الدراسات العربية الأميركية في الولايات المتحدة الأميركية

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح