بين ميثاق الإجماع ومنطق التمرد قراءة في أزمة بن حبريش في حضرموت
العاصفة نيوز / حافظ الشجيفي
في قراءة المشهد السياسي الذي تضطرب به رمال حضرموت اليوم، نجد أنفسنا أمام ضرورة ملحة لاستعادة بوصلة المنطق التاريخي، والبحث في جوهر الأشياء بعيدا عن صخب الانفعال اللحظي، إذ أن السياسة في معناها العميق ليست مجرد استعراض للقوة أو رفع للشعارات، بل هي فن قراءة اللحظة الفارقة والالتزام بكلمة الشرف التي تعقدها الشعوب مع مصيرها. ونحن نقف الآن أمام حالة تستدعي التأمل، حيث يحاول البعض القفز من سفينة الإجماع الوطني إلى قوارب التجزئة الضيقة، متناسين أن وحدة الهدف هي الضمانة الوحيدة للعبور نحو شاطئ الدولة والمؤسسات، وأن أي خروج عن هذا النسق تحت مبررات هي في جوهرها محسومة ومنجزة، سلفا لا يمكن وصفه إلا بكونه تمردا على الإرادة الشعبية التي صاغت بوعي وحرص ملامح المستقبل المشترك.
وعندما نعود بالذاكرة إلى اللقاء التشاوري الجنوبي الموسع الذي احتضنته العاصمة عدن في عام ألفين وثلاثة وعشرين برعاية المجلس الانتقالي الجنوبي ، ندرك حجم الجهد الفلسفي والسياسي الذي بذل لصياغة الميثاق الوطني الجنوبي، ذلك العهد الذي لم يكن مجرد وثيقة ورقية بل كان تجليا لحكمة الجنوبيين في لحظة صدق تاريخية. ولقد تشرفت بكوني أحد أعضاء لجنة صياغة هذا الميثاق التي ترأسها القاضي الحضرمي النزيه شاكر محفوظ، وضمت في قوامها أغلبية ساحقة من الكفاءات والشخصيات الحضرمية التي تمثل كل أطياف المجتمع الحضرمي، حيث خضنا نقاشات عميقة ومداولات طويلة اتسمت بالشفافية المطلقة، وكان الهاجس الأكبر الذي سكن وجداننا هو إنصاف حضرموت وتثبيت مكانتها وهويتها وخصوصيتها السياسية والاقتصادية في شكل الدولة القادمة. حيث منح الميثاق الوطني حضرموت حقوقا تتجاوز بكثير ما يرفعه البعض اليوم من شعارات، ورسم لها طريقا للسيادة على أرضها ومواردها ضمن شراكة وطنية عادلة لا تستثني أحدا، مما يجعل أي ادعاء بأن حقوق حضرموت منسية هو ادعاء يفتقر إلى الحجة والبرهان.
ومن هنا نطرح التساؤل الجوهري الذي يفرض نفسه بقوة في الاذهان: لماذا يختار عمرو بن حبريش التوقيت الراهن ليشهر سلاح المطالب التي تم إقرارها والتوقيع عليها بالإجماع قبل
ارسال الخبر الى: