إقرار موازنة تتقاسمها حكومتا ليبيا معالجة الانقسام أم تعزيزه

٢٩ مشاهدة
وسط غياب تام في التفاصيل صوت مجلس النواب الليبي خلال جلسة مغلقة في بنغازي مساء أمس الأربعاء بالموافقة على الموازنة المالية للدولة للعام الحالي 2024 دون أن يبين من سيشرف على تنفيذ هذه الموازنة وسط انقسام حكومي حاد تمثله حكومتان حكومة الوحدة الوطنية بطرابلس وحكومة مجلس النواب ببنغازي ودفعت خطوة مجلس النواب إلى عدد من أسئلة المراقبين الحائرة التي لا تزال دون جواب حتى الآن ومخاوف من أن تساهم هذه الخطوة في تعزيز حالة الانقسام الحكومي إذا ما ذهبت الموازنة لحكومة مجلس النواب وأن تكون تكريسا لتقسيم البلاد إذا ما كانت الميزانية موحدة وستذهب بالتقاسم إلى الحكومتين وتحفظ الناطق الرسمي باسم مجلس النواب الليبي عبد الله بليحق في اتصال مع العربي الجديد عن توضيح الجهة المناط بها تنفيذ الموازنة واكتفى بالقول إنها ميزانية موحدة للدولة الليبية وزاد من حجم الغموض حول خطوة الموافقة على الموازنة أن مجلس النواب عقد جلسة مناقشتها خلال يومي الثلاثاء والأربعاء بشكل مغلق ما غيب العديد من التفاصيل حول أبوابها والحكومة المناط بها تنفيذها بالإضافة لعدم دستورية الإجراء الذي يتطلب إشراك المجلس الأعلى للدولة في مناقشة الموازنة وفقا للنصوص الدستورية بالاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات واللافت في إجراءات مجلس النواب حيال هذه الموازنة أنها اعتمدت على مرحلتين الأولى نهاية إبريل نيسان الماضي بقيمة 90 مليار دينار بمقترح من حكومة مجلس النواب والثانية أمس الأربعاء بقيمة مضافة قدرها 89 مليار دينار ليبلغ إجماليها 179 مليار دينار ليبي وهو الرقم الذي أعلن بالأمس وأثناء انعقاد جلسة مجلس النواب الليبي وجه رئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة خطابا لرئيس مجلس النواب عقيلة صالح طالبه بضرورة إحالة مشروع الموازنة إلى مجلس الدولة كما ينص على ذلك اتفاق الصخيرات لدراسته وموافاته بالرأي حياله وأكد له أن مجلس الدولة سيعترض على القانون بـرفض أي نتائج تترتب بشأن قانون الموازنة المذكور والاعتراض عليها ناهيك عن تعرضه للطعن بالطرق المقررة قانونا كما أبدى رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي اعتراضه على الخطوة مبينا عدة اشتراطات دستورية متلازمة للموافقة على أي موازنة وضرورة وجود مقترح مشروع للقانون مقدم من السلطة التنفيذية لاختصاصها في ذلك والتشاور مع المجلس الأعلى للدولة قبل إحالة القانون على مجلس النواب الذي يجب عليه التصويت لإقرار القانون بعدد 120 نائبا لكن مجلس النواب لم يرد حتى الآن على موقفي المنفي وتكالة وفيما التزمت حكومة الوحدة الوطنية بالصمت حيال خطوة مجلس النواب أصدرت حكومة مجلس النواب بيانا قبيل إعلان المجلس عن موافقته على الموازنة بالتأكيد على أنها موحدة لكل البلاد وأنها اجتهدت فيها لمراعاة كل الملاحظات المطلوبة من جميع الأطراف وفي الغضون كشفت مصادر برلمانية لـالعربي الجديد أن جملة من الاتصالات برعاية أميركية جرت خلال الأسابيع الماضية بين الحكومتين في طرابلس وبنغازي لمناقشة سبل الاتفاق على إقرار موازنة موحدة وانتهت إلى عقد اجتماعات مباشرة بين مسؤولي الحكومتين آخرها في العاصمة التونسية منتصف يونيو حزيران الماضي وفي تفاصيل أخرى أوضحت معلومات المصادر أن الاجتماعات المباشرة بين مسؤولي الحكومتين شارك فيها محافظ البنك المركزي الصديق الكبير وبلقاسم نجل اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي يتولى رئاسة جهاز يعرف باسم صندوق إعمار ليبيا ورئيس المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة ومسؤول من اللجنة المالية بمجلس النواب بالإضافة لمسؤولين من وزارة الخزانة الأميركية وانتهت كل هذه الاجتماعات إلى الاتفاق على تولي حكومة الوحدة الوطنية تنفيذ بندي الموازنة الخاصين بالرواتب ودعم المحروقات فيما تتقاسم الحكومتان بند التنمية والإعمار وفيما كشفت المصادر ذاتها النقاب عن أن القيمة المضافة إلى الموازنة يوم أمس الأربعاء والبالغة 89 مليار دينار هي ديون سابقة مستحقة على معسكر خليفة حفتر جرى الاتفاق على تسديدها من خلال حكومة مجلس النواب يرى الأكاديمي وأستاذ العلاقات الدولية رمضان النفاتي أن تصريح بليحق وبيان حكومة مجلس النواب الليبي كاف للتأكيد على أن الموازنة سيجري تقسيمها على الحكومتين لتنفيذها ويؤكد هذا أكثر موقف الحكومة في طرابلس الذي يخيم عليه الصمت الموحي بالموافقة الضمنية وفي تماه مع معلومات المصادر يشير النفاتي في حديث مع العربي الجديد إلى أن واشنطن وحلفائها في الاتحاد الأوروبي يتحدثون منذ فترة طويلة عن ضرورة توحيد الموازنة والتقسيم العادل للثروة ودخلت الموازنة المالية حيز التجاذبات السياسية باعتبارها إحدى أوراق الضغط خاصة من جهة مجلس النواب الليبي المناط به إصدار قوانين الموازنات والموافقة عليها فدخوله في خلاف سياسي حاد مع حكومة الوحدة الوطنية جعله يمتنع عن الموافقة على مقترح من جانبها للموازنة العامة ما جعل الحكومة تدخل في برامج ترتيبات مالية للحصول على الأموال من البنك المركزي طيلة السنوات الماضية إلا أن الأخير امتنع مؤخرا عن صرف تلك الترتيبات إلا بموافقة من مجلس النواب إثر تقارب جرى بين محافظ البنك المركزي الصديق الكبير ورئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح ضمن صفقات الصراع السياسي القائم في البلاد وعلى الرغم من إشراف البعثة الأممية على تشكيل لجنة مالية عليا برئاسة المجلس الرئاسي وبتمثيل كل الأطراف الليبية لتحديد أوجه الإنفاق العام ومتابعة الترتيبات المالية وضمان التوزيع العادل للثروة فإنها فشلت في استمرار عقد اجتماعاتها بسبب خلافات أعضائها لتعود أزمة الملف المالي والموازنة العامة للبلاد للواجهة مجددا وآخر مشاهدها القرار الغامض لمجلس النواب يوم أمس الأربعاء واعتبر النفاتي أن الخلفية التي تقع وراء قرار الموازنة تتمثل بضغوط خارجية دولية على جميع الأطراف بالقبول بميزانية موحدة لكلا الحكومتين بعد أن تعذرت الجهود السياسية لتوحيد الحكومتين أو إنشاء حكومة موحدة جديدة وبشكل أوضح يرى النفاتي أن هذا الضغط تمثله الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي لأنها تحلل أن الصراع بين جميع الأطراف أساسه اقتصادي وعلى المال تحديدا ولذا فإن إقرار ميزانية موحدة قد يكون طريقا نحو توحيد الحكومتين في الأيام المقبلة ويضيف مثل هذا الإجراء يمكن القوى الغربية من أمر مهم جدا في ظل ما استجد في ليبيا والمحيط الإقليمي فوجود موازنة واضحة ستمكن الغرب من مراقبة حركة المال والصرف في جانب معسكر خليفة حفتر الذي تحوم حوله شبهات التصرف في الأموال دون رقابة لشراء أسلحة روسية وفي ظل انعدام أي أفق سياسي ينهي الانقسام سيبقى حفتر في ظل مجلس النواب الليبي وحكومته ومثل هذه الخطوة هي الطريق للتضييق عليه ووضعه تحت المراقبة ووفقا لرأي النفاتي فإن للدول الغربية خاصة أميركا أهدافا أخرى أكثر عمقا من خلال صنع هذه المقاربة بين جميع الأطراف الليبية وهي الاتجاه أكثر في طريق زيادة الهيمنة والرقابة على مصادر التمويل وتحديدا النفط الذي بات ورقة مقلقة لسببين موضحا أن السبب الأول استفادة حفتر من عوائده في شراء الأسلحة الروسية فلا يوجد مصدر له غير النفط والسبب الثاني الاقتراب الروسي من منابع النفط لا سيما في الجنوب الذي باتت تنتشر فيه قواته وبعضها يوجد فعليا داخل مواقع النفط لكن الناشط السياسي عبد السلام الأجهر يوجه قراءته إلى الآثار السلبية والكارثية لقرار مجلس النواب الليبي المترتبة على الصعيد السياسي في البلاد إذ يرى أن إقرار موازنة بالتقاسم بين الحكومتين سيعزز حالة الانقسام بل يرى أنه قرار بمثابة إقرار الانقسام الحكومي وانتهاء مواقف أطراف الصراع إلى قناعة بضرورة التفاهم للبقاء وفق مبدأ المشاركة وقال متحدثا لـالعربي الجديد ما فعله مجلس النواب الليبي هو مبدأ سيسير عليه الوضع في المدد اللاحقة وبتوالي الوقت من الممكن جدا أن تخرج حكومة في الجنوب وتطالب بنصيبها من الموازنة ويتابع الأجهر حديثه بالقول كل هذا يعني أن أمل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية تبخر وأصبح من الماضي لكن الأكثر خطرا هو أن يكون تقسيم الموازنة طريقا لتكريس مفهوم التقسيم بتجاوز أزمة الانقسام إلى تقسيم فعلي ومثل هذا الوضع ما دام لا يهدد مصالح الكبار الدوليين فلن يضير بالنسبة لهم وربما تحمل الرؤية الدولية تصورا لحل الأزمة عبر نموذج الفيدراليات بالمقارنة بين خطوة مجلس النواب بالأمس ومطلب تقسيم الثروة الذي لم يكف المتدخلون الخارجيون عن المناداة به أساسا لحل المشكلة السياسية

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح