ممنون شواربك

32 مشاهدة

رحم الله عليّ بن العباس، المعروف بابن الرومي من شعراء القرن الثالث الهجري في العصر العباسي. القائل: لكم علينا امتنانٌ لا امتنان به/وهل تَمُنُّ سماواتٌ بأمطارِ. ونحن نعيش اليوم في عالمٍ يُلحّ علينا باستمرارٍ أن نُحصي نِعمنا، ويحثنا على ترسيخ مفهوم ممنون شواربك وأن نُشيد بالامتنان بوصفه فضيلة أخلاقية. الامتنان ينبت في عالمنا المعاصر وكأنه الفطر السحري. ولكن ماذا لو لم يكن الامتنان فضيلةً على الإطلاق؟

خُذوا مثلاً ما تُتحفنا به وسائل التواصل الاجتماعي، حيث نَنشر صوراً وفيديوهات ممتنة، ونحكي لحظات من حياتنا مختارة بعناية. ونادراً ما تنبع من مشاعر عفوية، بل تُنتقى لنيل الاستحسان والإعجاب والقبول الاجتماعي. قد تبدو هذه التعبيرات بريئة، بل ساحرة، لكنها تُعزز فكرة أن الامتنان واجب وليس تجربة طبيعية. وما يجعل بعض الامتنان سخيفًا ما نجده على صفحات مختلف وسائل التواصل الاجتماعي من تعليقات الامتنان الوفيرة التي يتلقاها محرر ثقافي ما في مجلة أو جريدة ما. لماذا؟ لأنه نشر مشاركة شعرية لشاعر مع صورته البهية، فتذهب لموقع النشر هذا لتقرأ القصيدة، فماذا تجد؟ لا هي قصيدة ولا هم يحزنون، وتعلم علم اليقين لماذا كان الشاعر الفحل ممنونًا من شوارب المحرر الثقافي.

حتى في المواقف الحميمة، قد يحمل الامتنان ضغوطًا خفية. فالشكر لشخص عزيز قد يُولّد ديونًا أو توقعات غير مُعلنة، مثل رد المعروف، أو الاعتراف بالجميل، أو ردّ اللفتة. هذا ليس ضارّاً دائماً، ولكنه يُصبح كذلك عندما يُطلب الامتنان أو يُستخدم وسيلةَ ضغط. وبهذا المعنى، لا يُعدّ الامتنان فضيلةً بحتة؛ بل هو عقد اجتماعي ذو عواقب عاطفية. الامتنان غالباً ما يكون أقل ارتباطاً بالتقدير الحقيقي، وأكثر ارتباطاً بالحفاظ على الانسجام الاجتماعي، وقمع السخط، وتطبيع عدم المساواة. إنه قوةٌ قهريةٌ هادئة. ومع ذلك، نادراً ما نُعلّم التشكيك فيه. نُدرّب على افتراض أن الامتنان فضيلةٌ بطبيعته، أو محايدٌ أخلاقيًّا، وهو ليس كذلك، أو مفيدٌ شخصيًّا، وهو كذلك. ماذا لو سمحنا لأنفسنا، بدلًا من ذلك، باستجوابه؛ لنسأل: هل امتناننا نابعٌ منّا حقاً أم مفروضٌ علينا؟ وخلي الشوارب على

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح