مكسب الطوفان في الداخل الأميركي

47 مشاهدة

موسى السادة – وما يسطرون|

لا يمكن لعاقل أن يفترض حينما نهزّ التاريخ في زاوية من الأرض، أنه وبشكل ما سيظل ثابتاً في الزاوية الأخرى. وكيف لذلك أن يكون تحديداً ونحن نتحدّث عن الصهيونية، أبرز تعبير عن الامتداد الإمبراطوري الأميركي على خارطة العالم.
إنّ أحد أهم مكتسبات «طوفان الأقصى» هو تلك الضربة التي تلقتها الأيديولوجيا الصهيونية في سرديتها وشرعيتها، خصوصاً في الداخل الأميركي. ضربة جعلت العدو يواجه معضلة حقيقية في تأمين الانتقال الجيلي لأيديولوجيته، والأيديولوجيا التي تفشل في ذلك تموت.

بشكل بديهي، حينما نتبنى عبارة أن «الطوفان» سدد ضربة للكيان الإسرائيلي فحينها لهذه الضربة مصاديق وإرهاصات سنراها أميركياً، بل إننا نراها اليوم بشكل كبير وعميق. بينما البديهية الأخرى، أن هذه الإرهاصات هي ما نهدف للوصول إليه أصلاً ـــــ فما هو شكل تحقيق حركة تحرر لانتصار وتقدّم إن لم يكن على شكل إنتاج أزمة في البنية الضخمة للإمبريالية؟

يكمن الاختراق الذي نجح فيه «الطوفان» في أمرين:
الأول، وهو شرط تاريخي أساس لكل نموذج تحرّري: المبادرة والمفاجأة، فمن خلالها يدخل الاستعمار في حالة ارتباك وضمور في العقلانية. إنّ للصهيونية والأميركيين موارد ضخمة، من المال والوقت، وما تقوم به المبادرة ليس تعطيل تلك الموارد وإزالتها، بل تعطيل قدرة العدو على التخطيط بهدوء وتسخير تلك الموارد والقدرات على نار هادئة، فيتملّك القدرة على حساب الخطوات وتخيّل السيناريوهات.

في عدوانه على لبنان وإيران، كان بالطبع لدى العدو خطة معدة ومجهزة ومطبوخة، رسم ثلاثي الأبعاد لكل حجر ونافذة، وتتابع في الخطوات والسيناريوهات، فموارده ضخمة. وما حدث أنه كانت لديه راحة وحرية قرار التفعيل والتسخير زماناً ومكاناً، في حين أنه وفي عبور السويس وحرب تموز و«سيف القدس» و«الطوفان» كان فاقداً لذلك.

إنّ هذه هي آلية عمل المؤسسات الاستعمارية وشكل استغلالها لمواردها العالية في ما تخاله الهيمنة المطلقة على أبعاد الزمان والمكان. ولذلك هي أيضاً آلية الصهيونية؛ التخطيط الاستراتيجي والعمل على المديات الطويلة، في صناعة التحولات.
كان برنامج عمل الصهيونية حافلاً لمستقبلها قبل «الطوفان»، خطوات محسوبة ومعدة ومدروسة

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع المساء برس لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح