مكة المكرمة و منها دعا إبراهيم احمد عبدالملك المقرمي
10 مشاهدة
مكة المكرمة التي جاءها إبراهيم عليه السلام و هي مجرد واد غير ذي زرع لا جليس فيها و لا أنيس تصبح مهوى أفئدة يملؤها الشوق و مقصد وفود يقودها الحنين و مثابة و مأوى يبسط أمنا للناس و قبلة أمة تتوجه إليها مئات الملايين مولية وجهتها شطرها المسجد الحرام و إذا الصفوف المتحلقة حول الكعبة من خلفها و خلفها و وراءها صفوف متحلقة و مستديرة على مستوى ظهر البسيطة مولية وجهها شطر المسجد الحرام لقد كانت واد غير ذي زرع لكنها زرعت و كان زرعها النور الذي أحال اليباب إلى عمار و القحل إلى فياح و غدا واديها الأجرد تجبى إليه ثمرات كل شيئ وارزق أهله من الثمرات في ذلك الوادي الأجرد غير ذي الزرع بوأ الله لإبراهم مكان البيت و دعاه لبنائها وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل فيمضيان في البناء ضارعين مبتهلين ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم خاشعين منيبين ربنا واجعلنا مسلمين لك و لا يقفان عند طلب الاستقامة لنفسيهما فحسب و إنما يستشرفان الآماد القادمة من الزمن و الذرية المتناسلة في المستقبل ومن ذريتنا أمة مسلمة لك و تجيش أبوة إبراهيم إشفاقا من توالي القرون و ما يحدثه الزمن من تغيرات فتضعف الخيرية و تتراجع الاستقامة فيلهج مخبتا بالدعاء ربنا و ابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم فتثمر دعوة إبراهيم عليه السلام بمحمد صلى الله عليه وسلم يبعث نبيا ـ بعد آجال و قرون ـ يرث فيها رسالة إبراهيم و كل الرسالات و لتكون رسالة محمد صلى الله عليه وسلم خاتمة الرسالات ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين نعم تحققت دعوة إبراهيم فبعث محمد ص ليرث كل الرسالات و جاء و قد عاد الوادي إلى ما كان عليه غير ذي زرع من الهدى و النور و الخير و الاستقامة و إنما قد وضعت الأصنام و نصبت الأوثان و ارتكس الانسان من جديد في ضلال مستطير و الإنسان بغير منهج مبين يتخبط في ضلال كبير كانت مكة و من حولها من العرب و من وراء العرب يعيشون تيه الضلال المستطير و مع ذلك كان العرب ـ خاصة في مكةـ يزعمون أنهم على دين إبراهيم ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما من المشركين و أين دين إبراهيم لقد أدخل الزمن فيه ما ليس منه وزاد فيه الناس ما ليس له أصل حتى لم يعد لهم منه شيئ إلا الادعاء لقد كان إبراهيم ـ النبي الكريم ـ يدرك مما عرفه عن مصائر الأمم قبله و كيف فعل الزمن بها و كيف تخلت عن رسالات السماء بعد طول عهد حتى عاد الناس إلى جاهليتهم الأولى و قد عانى هو نفسه في مواجهة ضلالات قومه لذلك استشرف ذلك المصير فكان أن دعا ربه أن يبعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم الآيات و يعلمهم الكتاب و الحكمة و يزكيهم و جاء محـمد ـ صلى الله عليه و سـلم ـ و قد أقحل الوادي و عاد أجرد غير ذي زرع من هـدى و تقـوى و استقـامة فكان في البدء الكلمة إقرأ و مضى محمد يتلوا الآيات و يعلم الناس الكتـاب و الحكمة و يزكيهم بالرســــالة الخاتمة التي ورثت كل الرسالات و التي ارتضاها الله للبشرية معلنا فيها بإنزال آخر آية في التشريع اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا لقد ختم الله الرسالات برسالة جمعت ما مضى و ورثت ما سبق من رسالات فكانت الرسالة الخاتمة التي لا تقبل التلفيق و لا الافتراضات و لا ما كان قد طرحه كفار قريش نعبد إلهك سنة و أن تعبد آلهتنا سنة أو شهرا بشهر و هكذاظن كفار قريش بسذاجة فكرهم و ضلال عقولهم أن هذا التلفيق يمكن أن يقدم حلا وسطا لا يكون مصدره السماء و إنما يكون مصدره ضلالات السفهاء في الأرض سخر الله منهم و عرى ضحالة تفكيرهم بكل صرمة و قوة قل ياأيها الكافرون السورة