مقام فصيح كلاسيكية عربية خارج الصدمة
حين وصلنا، مساء السبت، إلى مسرح الصندوق الأسود في المدينة التعليمية غرب العاصمة القطرية الدوحة، طلبوا منّا تسليم الجوّالات إلى قسم الأمانات، حتّى يتسنّى لنا حضور حفل مجموعة الدوحة للمقام الفصيح.
مثل هذا الإجراء يُحال عادة إلى تدابير مؤسسة أمنية أو قنصلية، لكنك هنا تدخل أعزل من جوّالك/ سلاحك الفردي منذ ربع قرن، لتستمع إلى الموسيقى.
أي سُلطة لهذه الموسيقى التي ستجعلك يتيم التقانة لمدة ساعة، تتمرن على أن تكون منتمياً إلى شعار من القلب إلى القلب، المرفوع في المسرح ومخلصاً بحسب طاقتك للاستماع إلى رحلة مقام في ثمانية قرون، من دون إضاءات ولا ميكروفونات، ولا مؤثرات.
في القاعة عاد الصمت إلى مكانه الطبيعي، وصار السمع تجربة كاملة لا وسيلة، لا مؤثرات، فقط موجة صوت حي تنتقل بين المؤدي والمستمع.
مع مقام البياتي، بحثاً عن النغمة التي تقيس المسافة بين الوعي والإحساس، دون أن تشهر الجوّال، وتثبت لكل مواقع التواصل أنك حيٌ تُرزق ومباشر.
لطالما كان منا مَن يعاين ثورات في الشارع ترفع الجوّالات وتصوّر الشعب وهو يريد، ويتساءل: إذا كانت كل هذه الجوالات تسد الفضاء، فأين هو الشعب الذي يريد؟.
ولعل ساعة اليُتم التقني تلك، تسهم ولو بنزر قليل في تشييد عمارة روحية تستعيد وعينا السمعي من تحت الركام.
تجربة أولى
بين الموسيقي والمغني والباحث مصطفى سعيد ورفاق المجموعة، وجمهور المسرح، تجربة أولى افتتاحية لمشروع فني جذري ومنفتح في الآن، ضمن فعالية الغرة للآداب والفنون، لجهة وضع السمع العربي خارج المنظومة التقنية التي اختزلته في تسجيلات وأجهزة.
افتتاح المعنى كان بالموسيقى المجردة، واختتم بحوارية نظّر فيها مصطفى سعيد لهذا المشروع، وكان كما عرف دائماً متطرفاً فيما يصل إليه من خلاصات معرفية، تعتبر التسويات وخير الأمور أوسطها غير مناسبة البتة لعالم الإبداع.
/> سينما ودراما التحديثات الحيةعن افتتاح وهران العربي 13: حفلة تقليدية وتكريم غريب
من البياتي بوصفه الحامل المقامي الرئيسي للسلسلة، والنقطة التي تلتقي عندها النظريات القديمة والحديثة في الموسيقى العربية، بشّر أهل المقام الفصيح بهذه الرحلة
ارسال الخبر الى: