مفهوم الغير عند الكاهن الرسي كيف أسست الزيدية الهادوية لرؤية تكفيرية وعنصرية

لم يؤسس الكاهن يحيى بن الحسين طباطبا، مؤسس الزيدية الهادوية، نظام حكم ثيوقراطيا فحسب، بل أرسى رؤية تقسّم المسلمين إلى نحن والغير، أهل الحق وأهل الضلال، وفي فكره، المخالف ليس مجرد مختلف، بل عدوّ يجب لعنه، ونجس لا تؤكل ذبيحته، ومصدر البلاء الذي يجب اجتثاثه.
فالرسي يستخدم تعبير الغير بكثافة ليتحدث عن كل من خالفه، فلا يُسمّيهم بمذاهبهم أو بأسمائهم، بل يذوبهم في وصف عدمي: وقال غيرنا، ويرى غيرنا، وأما غيرنا.
هذه ليست مجرد صياغات لغوية، بل إعلان قاطع عن أن الحق محتكر في ذاته وسلالته، وكل ما سواهم ضلال يجب إقصاؤه.
في هذا الفكر، الغير ليس فقط المختلف، بل هو المضل، والخطر، والسبب في ضياع الأمة، والواجب التحذير منه فكريا، والانعزال عنه اجتماعيا.
ويظهر ذلك في موقفه من العلم.
الهادي يحذر من الأخذ عن المخالفين، بل يرى أن التعلم منهم ضلال، وأن من يجالسهم أو يتلقى عنهم العلم، كمن يضع نفسه في طريق الفتنة، ويستحق أن يُطعن في دينه.
لكن أخطر ما في هذا الفكر أنه لا يكتفي بالإقصاء الذهني، بل يخلق نجاسة طقسية للمخالف، فهو يُحرّم ذبائح أهل السنة والجماعة، الذي يسميهم المرجئة، والمجبرة، بل ويضعها في مستوى ذبائح اليهود والمجوس، ويقول:
ذبائح المجبرة والمرجئة والمشبهة والمجسدة لا تؤكل، كما لا تؤكل ذبائح أهل الكتاب.
هذا التحريم ليس مسألة فقهية، بل إعلان واضح: أنتم لستم مسلمين في نظرنا.
وفي قمة هذا الهرم العدائي، يأتي موقفه من الصحابة.
فهو لا يرى فيهم رموزا للمرحلة الأولى من الإسلام، بل مصدر البلاء كله، يقول عن أبي بكر وعمر: أوجب على نفسه وعلى صاحبه الكفر بالله والقتل، ثم يُصرّح: عليهم لعنة الله من يومهم ذلك إلى يومنا هذا.
ويُجيز سبّهم، ويعتبر ذلك من البراءة الواجبة، لأنهم – حسب رأيه – غيّروا الدين، ونقضوا العهد، وتمردوا على الرسول وعلى أهل بيته.
هذه التصورات، التي وضعها الرسي وكرسها كل أئمة الزيدية من بعده، ليست تأملات دينية، بل أدوات لتشكيل وعي عدائي، يرسخ العداوة مع
ارسال الخبر الى: