مفاوضات جوبا السودانية نقاط الخلاف وفرص النجاح رغم استعار الحرب
٦٨ مشاهدة
تتسابق الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان فصيل عبد العزيز الحلو عبر مفاوضات جوبا بجنوب السودان إلى كسب نقاط سياسية وعسكرية في خضم حرب مستعرة لأكثر من عام بين الجيش وقوات الدعم السريع وانطلقت مفاوضات جوبا المباشرة بين وفد حكومي يرأسه الفريق أول شمس الدين الكباشي عضو مجلس السيادة ونائب قائد الجيش السوداني ووفد من الحركة الشعبية لتحرير السودان فصيل عبد العزيز الحلو لبحث إمكانية التوقيع على اتفاق لإيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين في ولايتي جنوب كردفان وإقليم النيل الأزرق كما تأمل مفاوضات جوبا التي تتوسط فيها حكومة جنوب السودان في الانتقال حال التوقيع على الاتفاق إلى مرحلة أخرى من المفاوضات تتعلق بالترتيبات الأمنية والسياسية وإن بدا ذلك صعبا على الأقل في الوقت الراهن وسط الوضع السوداني بتعقيداته وتشعباته والحركة الشعبية لتحرير السودان شمال هي واحدة من أقوى المجموعات المتمردة في البلاد دشنت قتالها ضد الخرطوم منذ عام 2012 منطلقة من جنوب كردفان والنيل الأزرق وذلك للمطالبة بحكم ذاتي في المنطقتين وقسمة عادلة في تقسيم السلطة والثروة وسن دستور دائم وقوانين ذات صبغة علمانية تفصل الدين عن الدولة وتسيطر الحركة الشعبية منذ سنوات على مناطق واسعة في المنطقتين خصوصا في جنوب كردفان معقلها الرئيس ودخلت في هدنة مع الحكومة منذ آواخر عهد الرئيس المعزول عمر البشير واستمرت تلك الهدنة بعد سقوط النظام وتشكيل الحكومة المدنية برئاسة عبد الله حمدوك لكنها رفضت في عام 2020 التوقيع مع الحكومة الانتقالية على اتفاق سلام وذلك على عكس ما فعلت مجموعات متمردة أخرى وأصرت على تضمين علمانية الدولة ضمن بنود الاتفاق وعقب اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في الخامس عشر من إبريل نيسان من العام الماضي نأت الحركة الشعبية بنفسها عن الحرب واتخذت موقفا محايدا ومطالبا بوقف القتال ومعالجة جذور الأزمة التاريخية لكنها حاولت في ذات الوقت انتهاز انشغال الجيش بقتال الدعم السريع فتوسعت في مناطق سيطرته غير أن جنودها وجدوا أنفسهم في لحظة فارقة مدفوعين للقتال مع الجيش جنبا لجنب حينما حاولت قوات الدعم السريع السيطرة على مدن في ولاية جنوب كردفان وذلك خشية من تكرار تجربة سيطرة الدعم السريع على مناطق بشمال وغرب كردفان وإقليم دارفور والخرطوم والجزيرة وفي مطلع شهر مايو أيار الجاري ذهب نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول شمس الدين الكباشي إلى عاصمة جنوب السودان جوبا في زيارة ظاهرها التباحث مع المسؤولين في جنوب السودان وسرعان ما تكشف باطنها بلقاء مفاجئ جمعه برئيس الحركة الشعبية شمال عبد العزيز آدم الحلو وخلال اللقاء اتفق الطرفان على تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية في مناطق سيطرة كل طرف مع التطرق لمناقشة الأزمة السودانية ككل وتبادل الطرفان الرؤى حول الحلول للملف الانساني وإيصال المساعدات والحل السياسي وفي النهاية اتفق الكباشي والحلو على عقد اجتماع خلال أسبوع لوفد من حكومة السودان ووفد من الحركة الشعبية شمال للتوقيع على وثيقة خاصة بالعمليات الإنسانية في المنطقتين لا يعلق كثيرون آمالا عريضة على مفاوضات جوبا لأنها ليست مدفوعة حسب تقديرهم بقناعات حقيقية لتحقيق السلام إنما تقوم على أساس من المناورة وكسب الوقت ويريد منها الجيش السوداني من جهته التفرغ الكامل لمعركته مع قوات الدعم السريع دون الانشغال بمعارك في جبهات أخرى لا سيما فصيل عبد العزيز الحلو والذي يسعى لتحييده قدر الإمكان فيما يخطط الحلو بالمقابل لاستغلال فيما يبدو حالة ضعف الحكومة المركزية وانشغالاتها للحصول على أكبر المكاسب وبدا ذلك واضحا من خلال خطاب رئيس وفدها وسكرتيرها العام عمار آمون دلدوم في جلسة مفاوضات جوبا الافتتاحية أمس الخميس والمعنية بالتوقيع على وثيقة لوقف العداءات بما يسمح بتمرير المساعدات الإنسانية لمتضرري الحرب في ولايات جنوب كردفان النيل الأزرق وغرب كردفان حيث أعاد سرد أسباب الحروب التاريخية الممتدة في السودان منذ الاستقلال وحتى الآن مشيرا إلى أن واحد من أسباب عدم توقف الحرب طوال تلك الفترة الزمنية الطويلة هو عدم احترام وعدم تنفيذ كل الاتفاقيات التي تم التوصل إليها في فترات سابقة ولعمل كل حكومات المركز المتعاقبة في الخرطوم على تجزئة الحلول لنفس المشكلة وأكد أن الحركة الشعبية لتحرير السودان حذرت مرارا بأن تجزئة الحلول لا تحقق سلاما شاملا وعادلا ومستداما وذكر آموم أن كل الشعوب السودانية في كردفان والجزيرة والنيل الأزرق والخرطوم يحتاجون إلى مساعدات إنسانية عاجلة تنقذ حياتهم وتصون كرامتهم الإنسانية من خطر الانتهاك واستطرد بقوله هل نحن هنا اليوم أيضا أمام خيار آخر للتوقيع على وثيقة تفضي إلى تمرير مساعدات إنسانية إلى متضرري الحرب في مناطق وأقاليم وولايات بعينها فقط والشعب السوداني في مناطق أقاليم وولايات أخرى في أشد الحاجة لمساعدات إنسانية كالغذاء والأدوية المنقذة للحياة مبينا أنهم ثابتون في موقفهم وهو التوصل إلى اتفاق يسمح بتوصيل المساعدات الإنسانية للمحتاجين في كل المناطق بما فيها ولايات دارفور ومناطق الجزيرة والخرطوم وكردفان دون تمييز هكذا تتابع القوى السياسية السودانية مفاوضات جوبا استقبلت القوى السياسية مفاوضات جوبا الحالية بترحيب وتحفظ ويقول القيادي بقوى الحرية والتغيير محمد عبد الحكم إن خطوات حل أزمات البلاد سياسيا عبر طاولات التفاوض أمر إيجابي للغاية تدعمه قوى الحرية والتغيير بقوة وتأمل في أن يتوصل الحوار بين القوات المسلحة السودانية وحركة تحرير السودان فصيل الحلو إلى مخرجات إيجابية في ما يتعلق بوقف إطلاق النار وإيصال المساعدات للسودانيين المكتوين بنيران الحرب والحصار مشيرا إلى أن السودانيين هم أحوج ما يكونون إلى العون والغوث في هذه الأوقات الحرجة من تاريخ السودان مع تفاقم الأزمة الإنسانية وتصاعد الوفيات بالجوع ونقص الدواء والغذاء ومعينات الحياة وأضاف عبد الحكم لـالعربي الجديد أن قوى الحرية والتغيير تساند وتدعم كل ما من شأنه وقف إطلاق النار وتوفير سبل الحياة الكريمة في كل بقاع السودان لا سيما المواطنين السودانيين الذين عانوا كثيرا ما قبل حرب 15 إبريل نيسان 2023 في جنوب كردفان علاوة على ولايات أخرى ظلت تعاني الأمرين لتطاول أمد الحرب داخلها أما الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي كمال عمر فيقول من جانبه إن مفاوضات جوبا معنية أكثر بالاتفاق حول تسهيل وصول المساعدات الإنسانية والفرصة بعد ذلك متاحة لتطوير الاتفاق إلى اتفاق سياسي وهي بتقديره خطوات جيدة نظرا لأن الحركة الشعبية فصيل الحلو هي حركة مسلحة لديها تاريخ نضالي وعندها مطالبات سياسية تعدت المطالب الإقليمية والجهوية لمطالبات تشمل كل السودان مثل ما كانت عليه الحركات المتمردة في الجنوب قبل انفصاله عام 2012 حيث بدأت أجندتها بالمناداة بالنظام الفيدرالي وتطورت بعد نكوص ساسة الشمال عن تعهداتهم للمناداة بتقرير المصير والانفصال والاستقلال وذكر عمر لـالعربي الجديد أن حركة الحلو يمكن أن تطالب أيضا في أي لحظة بفصل جنوب كردفان إذا لم يتم التعاطي بايجابية مع كل المشكل السوداني مبينا أن اشتراطات الحركة بفصل الدين عن الدولة شأن يخص السودان كله ولا يمكن أن يستجيب لها العسكر الحاكمون الآن لأنه ليس لديهم تفويض شعبي وهو أمر مع أمور أخرى يجب مناقشتها خلال المؤتمر الدستوري بحيث لا يمكن أن يقرر فيه أي فصيل واحد وشدد على أهمية نجاح المفاوضات الإنسانية والوصول لاتفاق سياسي للمرحلة الانتقالية يؤدي لاستقرار ووقف الحرب في كل الجبهات أما المحلل السياسي الجميل الفاضل فيرى أن مفاوضات جوبا الرسمية المباشرة بين وفدي الجيش والحركة الشعبية التي من المقرر أن تنطلق اليوم الجمعة يبدو أنھا ستبدأ من نقطتين متباعدتين نوعا ما فالحركة تسعى لإبرام اتفاق يفتح الباب لوصول المساعدات الإنسانية إلى المتضررين من الحرب بكافة أنحاء البلاد بما فيھا المناطق الواقعة تحت سيطرة قوات الدعم السريع بعكس ما صوره الإعلام الموالي للجيش بعد لقاء الجنرالين كباشي والحلو وكأن ھناك اتفاقا بين الطرفين على تسھيل انسياب الإغاثة الإنسانية إلى مناطق سيطرتھا فحسب فضلا عن الإيحاء بأن اتفاق الإنسانيات المرتقب ما ھو إلا مؤشر إلى اتفاق ذي أبعاد سياسية وعسكرية على الأرض أو أنه بمثابة مقدمة لذلك على الأقل وأبان الفاضل لـالعربي الجديد أن موقف الحركة الشعبية المعلن يتمسك بضرورة الفصل التام بين المسارين الإنساني والسياسي بل وتشدد الحركة على ضرورة النأي بالأجندة السياسية عن كل ما ھو إنساني مؤكدا أن طي المسافة بين رؤى الحركة والجيش بحاجة لجھد خارق وكبير من الوسيط الجنوب السوداني لأن حركة الحلو التي تتبنى علمانية سافرة من الصعب إن لم يكن من المستحيل وصولھا إلى توافق سياسي مع الجنرالات الذين عادوا بلا مواربة لتبني أيديولوجيا الإسلام السياسي وبصورة صارخة حتى على صعيد العلاقات الخارجية حسب تقديراته وأشار إلى أن ما يعزز كل ذلك هو خطاب عبد العزيز الحلو بمناسبة ذكرى تأسيس الحركة الشعبية في السادس عشر من مايو أيار بوصفه حرب 15 إبريل نيسان 2023 بأنھا حرب الإسلاميين ضد الشعب السوداني وأنھا تمثل الصراع الأعمق بين السودان القديم والسودان الجديد مشترطا لإنھاء الحرب التوصل إلى عقد اجتماعي جديد يؤسس لدستور ديمقراطي علماني ومستبعدا وجود فرص لنجاح مفاوضات جوبا في ظل تباين تلك المواقف بين الطرفين تحذير أممي يحذر من تصاعد العنف في الفاشر في موازاة ذلك قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك اليوم الجمعة إنه يشعر بالفزع من تصاعد العنف قرب مدينة الفاشر السودانية مضيفا أنه أجرى مناقشات هذا الأسبوع مع قائدين من طرفي الصراع ومحذرا من كارثة إنسانية إذا تمت مهاجمة المدينة كما حذر القائدين من أن القتال في الفاشر سيكون له أثر كارثي على المدنيين وسيؤدي إلى تفاقم الوضع