مفارقات سورية راهنة

23 مشاهدة

سوف يبقى تاريخ 8 ديسمبر محفوراً في الوجدان السوري الجمعي، رغم كل ما حدث بعده، فنهاية نظام مثل نظام الأسدية ليس أمرا عاديا، هو أشبه بانكشاف ساطع لسماء كانت محجوبة بكثافة غيم أسود، أو ربما أشبه باستعادة ضحيّة تنفسها بعد بقائها تحت الركام عقوداً عدة، أو ببركان يلقي حمماً تحرق ما حولها لفرط ضغط احتباسه. يمكن قول جملٍ لا تنتهي عن هذا التاريخ تفسّر مشهد الملايين المحتفلين في شوارع سورية في ذكرى التحرير، أو كتابات الذين لم يشاركوا في الاحتفالات. وكلها وصفت هذا اليوم بالاستثنائي في التاريخ السوري. كانت هناك صخرة بالغة الثقل تضغط بقوة على صدر سورية حتى تكاد تخنقها، وتفتتت بنفس القوة مخلفة الكثير جدا مما يمكن الاختلاف حوله وعليه، والاتفاق شبه الكامل حول ضرورة زوالها.

ولكن هذا التغيير المذهل فضح الترسّب الكبير للسموم الطائفية التي عاش عليها المجتمع السوري زمنا طويلا مزوّدا بأمصال أكثر سمّية تعزّزت في حرب السنوات الأربع عشرة الماضية، حتى صار الترسّب طبقة كثيفة جدا من الشك والحقد والكراهية والعداء الطائفي الذي ظهرت بنيته بعد التحرير مباشرة مع الانتهاكات الطائفية أولا، ثم مع مجازر الساحل والسويداء التي شارك فيها مدنيون سوريون، ومع جرائم القتل والخطف التي لا يمكن مواراة طابعها الطائفي تحت أي ذريعة، كان جديدها ليلة الاحتفال العظيم حين قتل الشاب العشريني العلوي (مراد محرز) بعد أن سأله شاب آخر إن كان سنيا أو علويا وأطلق عليه الرصاص بعد إجابته التلقائية بأنه علوي، كمن يطلق الرصاص علي أي أملٍ بالخلاص، عبر استعادة الخطاب الوطني والتعايش المشترك، فالمعركة الآن ليست ضد من سقط، بل ضد تركته في الذاكرة السورية، ضد ثنائية الجلاد والضحية التي عاش فيها السوريون طويلا، ضد إرث الطائفية ولغة الكراهية التي تكاد تصبح حالة سورية معمّمة، ضد الذهنية السابقة التي لا تزال مسيطرة على الوعي الجمعي السوري، ولم تسقط، للأسف، مع سقوط مؤسّسها.

والحال إن جريمة القتل تلك واحدة من المفارقات التي لا تنتهي في المشهد السوري الحالي، ففي قلب الاحتفالات

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح