مغامرة الجغرافيا التي قد تبتلع استقرار المنطقة

يمنات
محمد اللوزي
تُعدّ قضية ترسيم الحدود بين اليمن والمملكة العربية السعودية من أعقد الملفات السيادية في تاريخ العلاقات بين البلدين، نظراً لتداخل الجغرافيا مع السياسة، وتعاقب الكيانات السياسية اليمنية، وتغيّر الأوضاع الإقليمية.
وقد أُبرمت اتفاقية ترسيم الحدود النهائية بين الدولتين بعد تحقيق الوحدة اليمنية عام 1990، ما يفتح باباً واسعاً للنقاش القانوني والسياسي حول مصير هذه الاتفاقية في حال العودة إلى الانفصال وقيام كيانين يمنيين من جديد.
فبعد إعلان الجمهورية اليمنية في 22 مايو 1990، أصبحت اليمن كياناً سيادياً واحداً يمثل الشمال والجنوب معاً، ويتمتع بشخصية قانونية دولية موحّدة. وفي هذا الإطار، جرت المفاوضات مع المملكة العربية السعودية التي تُوّجت بتوقيع اتفاقية جدة عام 2000، والتي أنهت – نظرياً – النزاع الحدودي، ورسّمت الحدود البرية والبحرية بين البلدين.
من الناحية القانونية، وقّعت هذه الاتفاقية. دولة يمنية واحدة موحّدة.
وحكومة مركزية تمثل كامل الإقليم اليمني شماله وجنوبه.
بصفة سيادية شاملة غير قابلة للتجزئة في حينها.
والمتعارف عليه في القانون الدولي، أن مبدأ تغيّر الظروف الجوهرية أحد المبادئ التي تُثار عند انهيار الأسس التي قامت عليها المعاهدات الدولية. فإذا زال الكيان القانوني أو تغيّرت طبيعته السياسية بشكل جذري، يحق للأطراف المتأثرة إعادة النظر في الالتزامات المترتبة.
وعليه، فإن العودة إلى الانفصال – في حال تحققت كأمر واقع أو كيان معترف به دولياً – تعني فيما تعنيه
زوال الشخصية القانونية التي وقّعت اتفاقية ترسيم الحدود.بعدنشوء كيانين مستقلين، لكل منهما سيادته وإقليمه وحدوده.وهذا يحيلنا الى انتفاء الأساس الذي قامت عليه اتفاقية جدة بوصفها اتفاقاً مع “اليمن الموحد”.
فإذا عاد اليمن إلى وضع ما قبل 1990، فإن ذلك يُنشئ واقعاً قانونياً جديداً يترتب عليه ما يلي:
ابطال اتفاقية ترسيم الحدود التي وُقّعت من دولة واحدة نيابة عن كامل الأرض اليمنية. ومن غير المقبول انتقال الاتفاقية تلقائياً إلى كيانين جديدين دون موافقتهما الصريحة. فيما بينهم حال الانفصال بالاعتراف بالاتفاقية التي تمت في ظل دولة واحدة ومالم يتم التفاق على ذلك فإن كل شطر (شمالي وجنوبي)
ارسال الخبر الى: