أمين معلوف العالم بين هيمنة الغرب والأمزجة الشخصية للشرق
هل ينبغي أن تكون على رأس العالم قوة عظمى مهيمنة؟ يسأل أمين معلوف في مقدمة كتابه متاهة الضائعين. الغرب وخصومه (دار الفارابي، 2024) الذي صدر بترجمة رلى ذبيان. ويستبق الخاتمة بالنفي، فالغرب سار في طريق الانحطاط سياسياً وأخلاقياً على مدى قرنين من الزمان الاستعماري، وينكمش اليوم أفقه الثقافي والاجتماعي إلى تفضيل الانغلاق على الانفتاح، والتجانس على التنوع.
لكنْ، هل نجح خصوم الغرب في تقديم نماذج إنقاذية؟ وهل في الشرق مقومات تؤهّله لقيادة البشرية خارج المتاهة؟ بهذه الأسئلة يستكمل أمين معلوف مشروعه التأريخي الجيوسياسي. ومن خلال الغوص العميق في تاريخ الشرق الأقصى؛ اليابان والصين، وروسيا، يتوسع معلوف في أطروحته الفكرية حول اختلال حركة التاريخ وتهافت الحضارات، التي بدأها بكتاب الهويات القاتلة (1998)، وأتبعها بـاختلال العالم (2008)، ثم بـغرق الحضارات (2019).
يُعَنوِن معلوف كتبه لتكون عناوينها خلاصات دالة على أطروحاتها، ولا تترك العناوين، في كتبه كافة، مجالاً لتفاؤل العقل بمستقبل العالم، ولا لإحسان الظن في سياسات الدول العظمى، ولا للثقة بصدقية النخب السياسية وحسهم الأخلاقي. ويتّبع معلوف منهجاً في قراءة التاريخ يعتمد على التجارب الذاتية، والنظرة التأملية، والقراءة التحليلية للأحداث المفصلية في تاريخ الأمم، وطبائع الشخصيات المستجيبة للأحداث.
تبادل مساحات الهيمنة بين الحضارات يشبه معزوفة مأساوية
في كتابه الأخير يسلّط معلوف الضوء على الانتكاسات التي ألمّت بالمشاريع النهضوية ذات الطابع الجذري الشامل في القارة الآسيوية، بدءاً من مشروع النهضة الياباني السريع في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، والمعروف بـ(إصلاح ميجي)، ثم الثورة البلشفية العاصفة في روسيا مطلع القرن العشرين، وبمصاحبة الصعود الدراماتيكي البطيء والمتقلّب للمارد الصيني على مدى القرنين الماضيين، وبتبعيّة النسخة المقلّدة للنهضة الكورية في النصف الثاني من القرن الماضي. وهي المشاريع التي نُظِرَ إليها حضارياً، على المستوى الآسيوي، بأنها الرد المُستَحَقُّ المُلهِم من القارة الكبرى على استعراض القوة الغربي المُهين.
يتحدث معلوف بنبرة أسى عن معجزة ميجي اليابانية، الواعدة بالخير للإنسانية، والباعثة للأمل بنموذج حداثي مشرقي، والتي قامت على أكتاف نخب من المفكرين الحالمين، ومن القادة المخلصين، لكنها،
ارسال الخبر الى: