في بداية القرن العشرين أسس العالم البريطاني فرانسيس غالتون ما يسمى بعلم تحسين النسل كان غالتون عالما واسع الاطلاع ومتعدد المعارف وله إسهامات مهمة في مجالات متعددة كعلم النفس والإحصاء والأنثروبولوجيا والوراثة وحتى الأرصاد الجوية على الرغم من هذه الإسهامات المهمة في أكثر من مجال ظلت الأفكار التي تضمنتها أطروحات غالتون العلمية حول تحسين النسل علامة سوداء في تاريخه ساهمت أفكار العالم البريطاني على نحو مباشر أو غير مباشر في تأكيد الاختلافات الإنسانية بناء على العرق وكان لانتشارها الواسع دور في تأكيد النزعات العنصرية والتفوق العرقي حتى أن النازية قد اعتمدت في جانب كبير من تصوراتها على أفكاره هذه الأفكار التي تنطوي عليها أطروحات فرانسيس غالتون يفندها الجزء الأول من فيلم God Mood للفنانين لاري أشيامبونغ وديفيد بلاندي الفيلم الذي لا تتجاوز مدته 12 دقيقة يعرض مع ثلاثة أفلام قصيرة أخرى ضمن معرض الآلات الجينية الذي يستضيفه متحف ويلكم كوليكشن للعلوم الطبية في لندن حتى 11 فبراير شباط من العام المقبل يسلط المعرض الضوء على التاريخ المشين للتحيزات الطبية على أساس العرق عبر سلسلة من الأفلام والمعروضات المتعلقة بعلم تحسين النسل يستكشف الثنائي البريطاني أشيامبونغ وبلاندي في هذه الأعمال إرث العنصرية العلمية وكيف لا تزال أفكارها تظهر على السطح في الثقافة المعاصرة تتتبع الأعمال مصدر الأفكار حول العرق والدور الذي لعبه العلم في تشكيل هذه التصورات يأتي القسم الأول من فيلم غود مود مصحوبا بصوت ديفيد بلاندي وهو فنان من أصل إنكليزي وينتمي إلى الطبقة المتوسطة يتحدث بلاندي عن اختبارات الذكاء والتمييز العنصري والجنسي والاستخدام المنهجي للتعقيم في جميع أنحاء العالم تحت ستار العلم تستعرض المشاهد المصاحبة للتعليق بعض مقتنيات العلوم في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس التي تضم عددا من الأدوات التي استخدمها فرانسيس غالتون لقياس وتصنيف الأشخاص بعض هذه الأدوات يتم عرضها بجانب الفيلم وتشمل أدوات لقياس حجم الجمجمة وسعة الفك ولون العينين وغيرها أما النصف الثاني من الفيلم فيأتي مصحوبا بصوت لاري أشيامبونغ وهو فنان من أصل غاني ينتمي إلى الطبقة العاملة يتساءل الفنان في هذا الجزء عن حدود التعاطف في النضال ضد الظلم إذ يرى أن المطلوب ليس مجرد تضامن بل تغيير حقيقي ومقاومة هذه الأفكار الخاطئة يتضمن الفيلم مشاهد مصممة على هيئة لعبة فيديو وفيها يتتبع المشاهد عنكبوتا كبيرا أثناء سفره حول العالم تعتمد اللعبة على أسطورة أنانسي الأفريقية وهو نصف إله يغير شكله لتحقيق أهدافه وتعد ألعاب الفيديو جانبا محوريا من الممارسة الفنية للثنائي بلاندي وأشيامبونغ ويشير اسم الفيلم إلى أحد المصطلحات الشائعة بين مستخدمي هذه الألعاب وتعني اللاعب الذي لا يقهر أما الفيلم الثاني فهو بعنوان خيال رهيب ويتناول التاريخ المعقد للتصنيف العرقي يسلط الفيلم الضوء على شخصية جون إدمونستون وهو عالم تشريح من أصل أفريقي كان يعيش في بريطانيا قام إدمونستون بتدريس التشريح لتشارلز داروين غير أن مساهمته في علم التشريح لا تزال غير معترف بها إلى حد كبير الفيلم الثالث هو رثاء السلطة ويوضح أن العلم لا يستخدم فقط لفهم العالم وكشف الحقائق بل يمكن استخدامه أيضا للاستغلال التجاري والسياسي يستعرض الفيلم قصة هنرييتا لاكس وهي امرأة أميركية تم أخذ خلاياها من دون علمها استخدمت الخلايا المأخوذة من لاكس لتحقيق العديد من الاكتشافات المهمة مثل رسم خرائط الجينوم البشري وبحوث السرطان والأيدز وشلل الأطفال وغيرها من الأمراض يشير الفيلم كذلك إلى إحدى ألعاب الفيديو الرائجة التي تصور الأفارقة على أنهم زومبيز مصممون للقتل يتساءل العمل عن هؤلاء الأشخاص الذين تم توظيف أصواتهم في هذه اللعبة ومدى علمهم بالمحتوى العنصري الذي تتضمنه العمل الأخير هو عمل تركيبي يتضمن شريط فيديو وصورا فوتوغرافية وتجهيزات ويعرض تحت عنوان من الغبار إلى البيانات يسلط العمل الضوء على التاريخ الاستعماري لعلم الآثار وأوجه التشابه المعاصرة في التنقيب عن بيانات الحمض النووي يستشهد الفيلم بما كتبه فليندرز بيتري عالم المصريات البريطاني وأحد مؤسسي علم الآثار الحديث اعتقد بيتري أن هناك علاقة مباشرة بين حجم الجمجمة والعرق ودرجة الذكاء وقد ساهمت هذه الأفكار إلى حد كبير في تأكيد الميول العنصرية الدافعة للاستعمار وتبريره معرض الآلات الجينية يمثل رحلة متعددة الحواس تجمع بين الصوت والصورة لاستكشاف العوامل التاريخية والمجتمعية التي ساهمت في ظهور الأفكار الخاطئة المتعلقة بالعرق يلفت المعرض انتباهنا إلى التحيزات والأحكام المسبقة والصور النمطية التي لا تزال قائمة في وعينا الجماعي وتفرض نفسها أحيانا على أحكامنا تجاه الآخرين يشير المعرض في جانب منه أيضا إلى التقاطع بين العالمين الرقمي والمادي ويثير تساؤلات حول تأثير هذه الازدواجية الرقمية على فهمنا للعرق والهوية متحف ويلكم كوليكشن هو جزء من مؤسسة ويلكوم الخيرية التي أسسها السير هنري ويلكوم عام 1936 تعمل المؤسسة في تمويل الأبحاث الطبية حول العالم ويعد متحف ويلكوم كوليكشن الذي تأسس عام 2007 جزءا من مهمة المؤسسة المتمثلة في إشراك الجمهور في عالم العلوم الطبية تجمع معروضات المتحف بين الفن والعلوم والتاريخ والأنثروبولوجيا لاستكشاف موضوعات تتعلق بالصحة الجسدية والنفسية