معالم درنة التاريخية دانيال يجرف الماضي وشواهده

14 مشاهدة
جرفت كارثة العاصفة دانيال جانبا كبيرا من وثائق تاريخ وثقافة مدينة درنة الساحلية في الشمال الشرقي لليبيا التي طالما اشتهرت بوصفها مدينة الأدب والثقافة والفنون واستيقظ من تبقى من أهل المدينة صباح الاثنين الماضي على اختفاء أبرز المعالم التاريخية والثقافية في المدينة فأضرحة صحابة النبي الثلاثة التي كانت تزدان بها المدينة على ضفة وادي درنة الشرقية جرفتها السيول ولم يبق منها شيء وكذلك المسجد العتيق الذي يعود بناؤه إلى 400 عام مضت والسوق القديم إضافة إلى دار المسرح التي عرض على خشبتها أول مسرحية ليبية عام 1908 وأعلنت حكومة الوحدة الوطنية أن السيول أضرت بـ1500 مبنى في مدينة درنة من بينها 891 مبنى تضررت بالكامل ولم تخص المباني التاريخية بالذكر من بينها كما لم تعلن مصلحة الآثار الحكومية حتى الآن حجم الأضرار في معالم التراث الثقافي والتاريخي وتعد درنة من أعرق المدن الليبية في عمق التاريخ إذ ذكرها هيرودوت في تاريخه ووصف جمال طبيعتها بأنه نادر المثال أما عن أمطارها التي جعلت أراضيها خصبة فلم يجد وصفا لغزارتها إلا بقوله وكأن السماء انفتحت لكن ذلك كان في عصور غابرة من دون آثار تدل عليها بحسب الأكاديمي وأستاذ علم الآثار ونيس عبد الحميد وأشار عبد الحميد في حديثه لـالعربي الجديد إلى أن مدينة درنة التي كانت توصف بـعروس الجبل وأيقونة الثقافة والأدب لكثرة ما أنجبت من مثقفين وشعراء وأدباء أصبحت منذ يوم الكارثة ترثي نفسها وتبكي تاريخها الذي اختفت شواهده وقال إن شواهد تاريخ المدينة تعود إلى الفتح الإسلامي حيث استشهد فيها ثلاثة من الصحابة وسبعون من التابعين في إحدى معارك جيوش الفتح التي حصلت على الجانب الشرقي لوادي المدينة ودفنوا في المكان ذاته قبل أن يقيم عليهم سكان المدينة أضرحة وقبابا تحولت مع مرور الوقت إلى شواهد تحفظ تاريخ كل الفترات التاريخية اللاحقة مشيرا إلى أن التحديثات اللاحقة على الأضرحة تركت زخارف وفنونا من كل فترة مرت بها المدينة وأضاف وفاء وحب المدينة لكل من يدخلها لا حد له ففي الفترة العثمانية الوسيطة كان في المدينة وال عثماني قدم لأهل المدينة خدمات عديدة فدفنوه إلى جانب الصحابة وأقاموا له ضريحا أيضا وتابع من شواهد التاريخ أن أول غزوة نفذتها قوات الولايات المتحدة الأميركية في أول نشأتها كانت على مدينة درنة وفيها انتصر الأهالي على الغزو الأميركي وجرى أسر البارجة فيلادلفيا ومنها خرج المدد والمجاهدون لدعم أهل مصر في صد حملة نابليون بونابرت وقال إن كل تلك الأحداث كانت لها شواهد وآثار لكن السيول أتت عليها وجرفتها ضمن ما جرفت مشيرا إلى أن السيول لم تقض على الأموات فقط بل أحالت شواهد الثقافة والأدب في عداد الأموات فمن عداد ضحايا السيول مثقفون وشعراء وأدباء ورياضيون ونشرت بعض المنصات الإلكترونية أدلة على بقاء قبور الصحابة لكن عبد الحميد أوضح قائلا لا أتحدث عن القبور بل أتحدث عن القباب والأضرحة ذات القيمة التاريخية والأثرية الكبيرة التي جرفتها الفيضانات والأمر نفسه ينطبق على اختفاء المسجد العتيق كاملا بكل عقوده وأقواسه وقبابه الـ42 وأعمدته وزخارفه واهتمت مواقع التواصل الاجتماعي بتناقل قصيدة كتبها شاعر درنة مصطفى الطرابلسي قبل أن يقضى في سيول الإعصار بيومين ونشرها على صفحته عبر فيسوك وتضمنت أبياتها توقعا بانهيار سد وادي المدينة الذي تسبب لاحقا في كارثة السيول والفيضانات وعلق ابن درنة الكاتب آدم العوامي على قصيدة الطرابلسي بالقول لقد نظم عدد من الناشطين في المدينة ندوة للتحذير من مغبة انهيار سد وادي المدينة وكان الطرابلسي مشاركا فيها وانتهت الندوة بامتعاض وحسرة شديدين إذ لم يشارك أي من مسؤولي المدينة فيها رغم دعوتهم وأعتقد أن ذلك كان سببا لكتابة مصطفى قصيدته وأضاف العوامي في حديثه مع العربي الجديد بجانب قبور الصحابة زاوية علمية جرفتها السيول أيضا كانت معلما لطالما خرج العلماء وكان مقصدا تعقد فيه مجالس العلم مشيرا إلى أن درنة استقبلت مئات اللاجئين من الأندلس الذين فروا من انتهاكات محاكم التفتيش الإسبانية في القرن السادس عشر وتابع نجم عن تلك الهجرة تشكل مجتمع من الأسر الأندلسية التي بقيت إلى اليوم وامتلكت سجلا شفاهيا ينتقل بالتواتر للكثير من الموشحات الأندلسية التي كانت المدينة تعرفها جيدا حتى أتى السيل وقتل ثلاثة من آخر الفنانين الذين يغنون ويتقنون هذه الموشحات وفي سياق متصل قال رئيس مصلحة الآثار التابع لحكومة الوحدة الوطنية فرج الفلوس لـالعربي الجديد إن المواقع الأثرية شحات وطلميثة وسوسة تعرضت إلى أضرار بسيطة ولا يوجد سقوط أو انهيار للمباني مؤكدا وجود انجراف في التربة بسبب المياه في مدينة شحات التاريخية سيعالج خلال أيام وأفاد الفلوس بأن ثلاث منظمات عربية ودولية بينها أميركية تدخلت لتوفير دعم مادي من أجل ترميم الآثار وعمليات الصيانة وأي دراسات متخصصة وأوضح أن هناك انجرافا في التربة نتيجة الفيضانات مما تسبب في اكتشاف آثار جديدة في مدينة شحات منها قنوات لتصريف المياه تعود إلى العصور الإغريقية وكذلك توابيت للموتى وأبدى تخوفه من سرقة هذه الآثار إذا لم تؤمن لها الحماية اللازمة وأشار إلى أن فرق طوارئ تشكلت لمتابعة حالة الآثار في المنطقة الشرقية بالتنسيق مع بعثة أثرية إيطالية وبولندية وفرنسية لتقييم الأضرار وكانت وسائل إعلام قد حذرت من انهيار وشيك لموقع قورينا الإغريقي الأثري القديم في ليبيا والمصنف منذ عام 2016 على قائمة يونسكو للتراث العالمي ونقلت وكالة فرانس برس عن المتخصصة في الشؤون الليبية في مجموعة الأزمات الدولية كلوديا غازيني التي زارت قورينا في الأيام الأخيرة قولها إن الموقع لا يزال مغمورا بالمياه إلى حد كبير وقد تعرض لانهيارات عدة وأوضحت غازيني أن شارع الوادي الطريق الانحداري الذي تصطف على جانبيه أسوار قديمة كان يربط الجزء العلوي من الموقع الأثري بالجزء السفلي تدفقت عبره مياه الأمطار وأدى سقوط كتل من الحجارة في الطريق نفسه إلى منع تدفق المياه لذا لا تزال تتجمع في الموقع وتهدده وقورينا هو الاسم القديم لمدينة شحات الأثرية التي تعاقبت عليها حضارات مختلفة

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح