مصفوفة النزاهة والشفافية الحصان قبل العربة
مما لا شك فيه أن وضع معايير شفّافة لتقويم الأداء في المؤسسات الحكومية، ووضع نظم لمحاربة الفساد الإداري، واتّباع مبدأ المساءلة، وترسيخ ثقافة المسؤولية، التي أعلنت عنها الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش في سورية يوم الخميس الماضي، من خلال مشروع مصفوفة النزاهة والشفافية، هي الشكل المثالي الذي يرغب كل مواطن سوري في أن يصل إليه الأداء الحكومي. لكن تطبيق هذا المشروع يتطلّب الكثير من الشروط لكي ينجح، سواء على صعيد تحسين الأداء واختيار الكفاءات ومحاربة الفساد، أو على صعيد تقديم خدمات أفضل للمواطن واستغلال أمثل للموارد.
غير أن معظم هذه الشروط لا يزال غير متوافر لدى أغلبية مؤسسات الدولة، فالأنظمة الإدارية كلّها تقوم على بيروقراطية تعطّل أي إنجاز، وبالتالي لا يمكن تقييم إنجاز موظف حكومي أو تقويم أدائه ما لم تُستبدل كل المعيقات البيروقراطية التي تحكم عمله. كما أن التضخم في حجم الموارد البشرية في معظم مؤسسات الدولة يخفّض إنتاجية الموظفين للحدود الدنيا، فأي موظف مهما كانت لديه إرادة للعمل حين يوضع بين موظفين لا عمل لهم أو عملهم قليل ستقلّ إنتاجيته حتماً. كذلك فإن طريقة إدارة الخدمات وتقديمها للمواطن لا تزال تتسبّب بهدر كبير للموارد الحكومية، والأهم من كل ما ذُكر أن دخل الموظف الحكومي، رغم الزيادات التي حصلت على راتبه، لا يزال غير قادرٍ على تحقيق الحدّ الأدنى من متطلّبات المعيشة لعشرة أيام من الشهر، هذا عدا عن التفاوت بين رواتب الموظفين الحكوميين (رواتب بالليرة السورية، وأخرى بالدولار)، الأمر الذي يشكّل بيئةً جاذبةً لممارسة الفساد الإداري.
كل هذا يعني أن بيانات المعادلة التي تسعى الحكومة للوصول إليها من خلال مصفوفة النزاهة والشفافية كلها بيانات خاطئة ولا يمكن أن تؤدّي إلى الأهداف التي أعلنت عنها الحكومة ما لم تتغيّر المعطيات الأولية لهذه الأهداف، الأمر الذي كان يوجب على الحكومة القيام بعمليات إصلاح شاملة لمؤسساتها على المستوى الإداري والقانوني وتحسين مستوى الدخل بما يتناسب مع الإنفاق، قبل طرح مشروع المحاسبة والشفافية، وذلك كي لا يتحوّل المشروع إلى مجرد شعار، الهدف منه
ارسال الخبر الى: