مصر تاج العلاء في مفرق الشرق
مِصْرُ ليست دولة عادية مثل أي دولة من دول الوطن العربي الكسير، بل هي كيان له مكانة خاصة جداً، بموقعه الجغرافي والتاريخي والسياسي والثقافي وسائر أبعاده.
بصراحة، إنَّها ليست مجرّد دولة يمكن التعامل معها كأي منطقة جغرافية عادية على الخريطة، بل هي مِصْرُ بكلِّ ما تحمله الكلمة من ثقلٍ حضاري وإنساني.
مِصْرُ هي محراب التاريخ الإنساني، بلا أي مبالغة، ولا أظن أن هناك مثقفاً على وجه الأرض لا يعرفها! وربما لم يزرها، لكنها حاضرة في وجدانه الثقافي بلا شك، لأنَّ ثقلها الإنساني لا يمكن تجاهله أو شطبه بجرة قلم.
ولمن يختلفون مع النظام السياسي الحاكم في أرض الكنانة اليوم، أقول: إنني أتحدث عن مِصْرَ بكل أبعادها المتعددة، لا عن مرحلةٍ من مراحلها الممتدة منذ (مينا) موحِّد القطرين وحتى ما شاء الله.
مِصْرُ – بكسر الميم وسكون الصاد – اسمٌ ممنوع من الصرف، لذا لا يُنوَّن، ويُجرّ بالفتحة لا بالكسرة؛ فنقول: هذه مِصْرُ عبق التاريخ، وجئتُ من مِصْرَ.
ولفظة مِصْرُ المذكورة في القرآن الكريم غير منوّنة، أما المنونة فالمقصود بها أي بلد، لأنَّ البلد المحدد المعالم يُسمّى مَصْراً، وتُجمع على أمصار، بينما مِصْرُ لا تُجمع، إذ لا توجد إلا مِصْرُ واحدة، هي التي نتحدث عنها.
مِصْرُ هي محراب التاريخ الإنساني، ولا أظن أن هناك مثقفاً على وجه الأرض لا يعرفها! وربما لم يزرها، لكنها حاضرة في وجدانه الثقافي بلا شك
لقد بلغ صيت مِصْرَ الحضاري الآفاق بما لا يمكن حجبه. وأستعمل لفظة الحضاري لا الثقافي، لأنَّ تنوع عطاء مِصْرَ لا يقتصر على الثقافة، بل يشمل كل مجالات الحياة. فمن أراد أن يتعرّف إلى تاريخ الحضارة الإنسانية لا بد أن يمرّ بالتاريخ المصري العريق، هذا إن لم يبدأ منه، فهي محراب التاريخ وهبة النيل، كما قال هيرودوت، أبو التاريخ القديم.
مبدعو مِصْرَ عبر العصور كثيرون، ولا تزال هذه الأرض تلد المبدعين في كل آن، وهذا طبيعي، لأنَّ مزيج هذا الشعب العربي متنوع، وعدد سكانه الذي يتخطى المئة مليون يجعل العينة التي يمكن
ارسال الخبر الى: