مشهديات عادل مقديش لقاء اللوحة والخشبة
تتقاطع في أعمال الفنان التونسي عادل مقديش (1949 - 2022) تأثيرات متباينة من التعبيرية والسريالية، إذ تظهر الشخصيات في لوحاته بأجساد ممطوطة، وملامح وجه مُلغزة، وأحياناً مشوهة. كما تجمع الأعمال كذلك بين عناصر غير مترابطة منطقياً في فضاء واحد، مما يخلق شعوراً بالحلم أو الكابوس.
هذا التمازج هو ما يحاول معرض مشهديات: المسرحة في أعمال عادل مقديش استكشافه، وهو المعرض الذي ينظمه المسرح الوطني التونسي بالتعاون مع المتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر تحت إشراف وزارة الشؤون الثقافية، في الفترة الممتدة من الأول من الشهر الجاري وحتى الحادي والثلاثين من يناير/ كانون الثاني المقبل.
يعيد المعرض النظر في تجربة فنية اتّسمت بقدرتها على الجمع بين الحسّ البصري المسرحي، والمخيال الشعبي، والبعد الصوفي الرمزي الذي طبع أعمال مقديش على مدى أكثر من أربعة عقود.
مقديش المولود في مدينة صفاقس، تخرّج في مدرسة الفنون الجميلة بتونس، قبل أن يواصل دراسته في الرباط وباريس. ومنذ بداياته، انفتح على التجريد منطلقاً بحثياً، ثم اتّجه إلى مساحات أكثر تعقيداً، تجمع بين الرمزية والأسطورة والزخرفة والخط العربي، ولم ينشغل بالمحاكاة الواقعية، بل ببناء عالم بصري يتقاطع فيه التراث مع الحلم. أما الكائنات التي يرسمها فلا تنتمي إلى زمن محدد، بل تبدو في حالة أداء مستمرّ، وكأنها شخصيات مسرحية أُفرغت من نصوصها لتتجسّد داخل اللوحة.
يُبرز معرضه الاستعادي الكيفية التي تحوّل بها سطح اللوحة عند مقديش إلى فضاء درامي، تتحرّك داخله الشخصيات والألوان والخطوط في تناغم أقرب إلى أداء جماعي. لذا، لا يبدو تضمين عنوان المعرض لكلمة مشهديات اعتباطياً بالمرة؛ فالكلمة هنا تُحيل على المشهد وعلى المسرحة معاً، أي على الفعل البصري الذي يتجاوز التمثيل.
انشغل ببناء عالم بصري يتقاطع فيه التراث والأسطورة مع الحلم
تضيء الأعمال المعروضة تطور التجربة البصرية عند الفنان، من المراحل التجريدية الأولى إلى اللوحات التي بلغت فيها المسرحة ذروتها. ويمكن تلمّس عدد من العناصر التي منحت أعمال الفنان بعدها المسرحي، ومن بينها التكوين الدرامي للفراغ المتخم دائماً بالرموز والزخارف. أما الضوء والظل فيتبادلان
ارسال الخبر الى: