لا يميز الاحتلال الإسرائيلي بين مسن أو طفل ولا يتردد في استهداف المسنين الذين أنهكهم التهجير وسوء الرعاية الصحية والأمراض والجوع فكما يقتل الأطفال والنساء يقتل المسنين وجدت عائلة المسن الفلسطيني فاروق عكيلة صعوبة في الوصول إليه بعدما استشهد خلال فترة حصار مجمع الشفاء الطبي غربي مدينة غزة بفعل نقص الرعاية الصحية وقلة الغذاء والأمراض التي كان يعاني منها وخلال حرب الإبادة الإسرائيلية التي يشنها الاحتلال على القطاع منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول الماضي قضى مئات المسنين إما بسبب المرض أو الاستهدافات الإسرائيلية المباشرة وغير المباشرة التي كانت تطاولهم أو تطاول أماكن تهجيرهم ومنازلهم والمستشفيات والشوارع وتعمد الاحتلال الإسرائيلي خلال العدوان تنفيذ عمليات إعدام ميدانية وكان للمسنين في القطاع نصيب منها ويقول الفلسطينيون إن الاحتلال لا يفرق بين مدني وناشط أو طفل ومسن وتعرض المسنون لاستهداف مباشر تمثل في عمليات تصفية داخل المنازل في المناطق التي يتواجدون فيها من خلال عمليات إطلاق نار مباشرة وتصفية ميدانية نفذتها قوات الاحتلال المتوغلة وعلاوة على ذلك شكلت عملية التهجير المتكررة معضلة حقيقية بالنسبة للمسنين الفلسطينيين لا سيما عبر إجبارهم على السير مسافات طويلة في ظل تدهور حالتهم الصحية وعدم استطاعة كثيرين السير على الأقدام ما اضطرهم إلى البقاء في بيوتهم لا سيما في مدينة غزة وشمالها أمر دفع قوات الاحتلال إلى تنفيذ تصفيات بحقهم داخل هذه المنازل أو قصفها إما من الجو بالطائرات أو عبر المدفعية وكشف عن ذلك مشاهد مصورة نشرتها وسائل إعلام دولية غياب الرعاية ويقول خالد عكيلة نجل المسن فاروق عكيلة إن والده حوصر في مجمع الشفاء الطبي خلال فترة تواجده للرعاية الصحية وقد تدهورت حالته في تلك الفترة التي تعرض المجمع للاستهداف يضيف عكيلة لـ العربي الجديد أنه كان برفقة والده قبل ساعات من حصار مجمع الشفاء الطبي في المرة الأولى وبعد حصاره لم يتمكن من الوصول إليه أو الاتصال به أو بأي من المتواجدين فيه لمعرفة تطورات حالته الصحية ويشير إلى أنه عرف باستشهاده من خلال بعض الاتصالات التي جرت مع أحد الطواقم الطبية الموجود في المجمع نتيجة لغياب الرعاية وقلة الغذاء وسوء حالته الصحية والنفسية خلال فترة حصار المجمع ويصف عكيلة تلك الفترة بالمريرة والصعبة في حياته نتيجة عدم معرفة حالة والده الصحية في بداية الأمر ثم تلقيه خبر استشهاده بسبب الحصار وعدم توفر الغذاء والحالة التي كان عليها إلا أن التجربة الأصعب بالنسبة لعائلة المسن عكيلة كانت العثور على جثمانه إذ ظلت العائلة تبحث عنه لمدة تتراوح ما بين ثلاثة أسابيع وخمسة في ظل الدفن الجماعي للشهداء في تلك الفترة ويوضح أنه عثر على جثمان والده في إحدى المقابر الجماعية مع تسعة آخرين بعد مساع مكثفة للوصول إلى جثمان والده قبل أن ينقله إلى قبر منفصل لاحقا بعد المهمة المضنية في التعرف عليه من أجل دفنه أما الفلسطيني حارث أبو حصيرة فقد تعرض والده المسن للاستهداف كانوا يتواجدون مع مجموعة من الأبناء والأحفاد في منزلهم قبل أن يطاولهم القصف الإسرائيلي في حي الدرج في مدينة غزة ويقول لـ العربي الجديد إن والده عبد أبو حصيرة كان يعاني من أمراض عدة وكان يتواجد مع زوجته وأبنائه والأحفاد في المنزل ويشير إلى أن الاحتلال يتعمد استهداف المسنين والنساء والأطفال من أجل الضغط على العائلات الفلسطينية للنزوح نحو الوسط والجنوب في القطاع ولتعزيز حرب الإبادة التي يشنها منذ نحو عام كامل ويلفت إلى أن والديه كانا يحتاجان بشكل دائم للرعاية الصحية نظرا لإصابتهما بأمراض مزمنة مثل السكري وضغط الدم وغيرها من الأمراض بفعل نقص الرعاية والتغذية قتل تحت الأنقاض ويوثق تقرير حديث صادر عن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن نحو 4 من ضحايا حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة من المسنين وتم توثيق عشرات حالات الإعدام بحقهم خلال الجرائم التي ارتكبها الاحتلال وبحسب المرصد الحقوقي فقد تم توثيق استشهاد 2122 مسنا من الجنسين خلال 330 يوما الأولى من الحرب بما يقارب 2 من إجمالي عدد المسنين في القطاع البالغ عددهم 107 آلاف ويشير التقرير إلى أن غالبية هؤلاء المسنين قتلوا سحقا تحت أنقاض منازلهم أو مراكز الإيواء التي لجؤوا إليها بعدما قصفتها الطائرات الإسرائيلية فوق رؤوسهم أو خلال تحركهم الاضطراري لقضاء حاجاتهم الأساسية في الشوارع والأسواق ويقول رئيس المرصد الأورو متوسطي رامي عبده لـ العربي الجديد إن عمليات الإعدام والقتل بحق المسنين مرتبطة بالكراهية للفلسطينيين لافتا إلى أن الاحتلال لا يعطي اعتبارا للمسنين أو الأطفال يضيف أن ما يجري يعكس نية مبيتة لارتكاب جرائم حرب وإبادة لا سيما وأن المسنين في كثير من الأحيان لا يمثلون أي احتمالية تهديد للجندي الإسرائيلي وغالبيتهم غير قادرين على الحركة من الأساس ويلفت عبده إلى أن الخطير أن العشرات منهم استهدفوا على نحو مباشر من خلال عمليات تصفية وإعدامات ميدانية عدا عن تحولهم لأهداف مباشرة ومتعمدة لجيش الاحتلال بالإضافة إلى قتل مئات المسنين في غزة يقول إن الآلاف أصيبوا بجروح ويصعب تعافيهم منها نظرا لأوضاعهم الصحية الهشة أساسا بالإضافة إلى عدم توفر الرعاية الصحية الملائمة عدا عن اعتقال عشرات المسنين من الرجال والنساء ممن تزيد أعمارهم عن 70 عاما ويلفت عبده إلى أن خطر الموت يهدد جديا عشرات الآلاف من المسنين في قطاع غزة إذ أن 69 منهم يعانون أمراضا مزمنة وغالبيتهم لم تتلق أية رعاية صحية بسبب تدمير جيش الاحتلال للقطاع الصحي عمليات تصفية من جهته يقول نائب المدير العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان ديوان المظالم جميل سرحان إن المسنين كانوا جزءا من عملية الإبادة التي يتعرض لها الفلسطينيون في القطاع من معاناة وانتهاكات في كافة مناحي الحياة ويوضح في حديثه لـالعربي الجديد أن المسنين تعرضوا لانتهاكات متمثلة في الحق في الحياة والحق في السكن والحق في الصحة وكل المجالات التي تؤكد ممارسة قوات الاحتلال الإسرائيلي الإبادة الجماعية وفقا لما تشير إليه اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها ويلفت إلى أن أحد أبرز الانتهاكات التي تعرض لها المسنون على الصعيد المباشر هو الحق في الحياة إذ عمدت قوات الاحتلال إلى استهداف مباشر أسفر عنه استشهاد 2500 مسن فلسطيني من بين عشرات آلاف الشهداء وبحسب سرحان فإن عمليات الاستهداف كانت تستهدف المسنين بشكل عشوائي عبر قصف البيوت على رأس ساكنيها أو التصفية الشخصية من خلال القناصة الإسرائيلية أو الطائرات المسيرة الكواد كابتر ويشدد على أن هناك عمليات تصفية جرى توثيقها لمسنين رفضوا الخروج من منازلهم وكان عدد منهم لوحده في المنزل خلال فترة العمليات البرية التي كانت تجري في مختلف مناطق القطاع وتمت تصفيتهم ويستدل بحالة المسن الفلسطيني ذيب الرزاينة الذي كان يتواجد برفقة عائلته في منزله شمالي القطاع وعند دخول قوات الاحتلال المنزل أطلقت النار على رأسه بشكل مباشر وينبه إلى أن من أبرز عمليات الانتهاكات التي تعرض لها المسنون هو تكرار النزوح بشكل متكرر فهناك من نزح أكثر من 10 مرات بفعل العمليات العسكرية الإسرائيلية في القطاع وخلال النزوح حرموا من كل ظروف الحياة ويشير إلى وجود أزمة على الصعيد الصحي متمثلة في عدم وجود أدوية خاصة بالأمراض المزمنة مثل أمراض ضغط الدم والسكري وعدم توفرها بشكل مستمر وهو ما انعكس سلبا على المسنين الفلسطينيين