ورقة من مذكراتي حين يصاب الحاكم بداء الأبدي ويتحول الكرسي إلى إدمان

بقلم/ د. أيمن نور
???? لستُ أكتب من خلف الزجاج المعتم للتاريخ، بل من ضوء التجربة، ومن حبر السجون والبرلمانات والميادين.
أنا شاهدٌ على الذين جلسوا على العرش ولم يعرفوا كيف ينهضون، وعلى الكراسي التي نَحَتَتْ ملامحها في أرواح أصحابها حتى لم يعودوا يفرقون بين الذات والمقام.
???? لم أكن شاهدًا على صعود #جمال_عبد_الناصر، لكنني كنت وريثًا لجيله، وأسيرًا في ظل صوته المعلّق على جدران الذاكرة، بين حنينٍ شعبي ومرارة يونيو.
رأيتُ من بعده صعود #أنور_السادات واغتياله من مَن حسبهم أنصاره، ثم عشت #حسني_مبارك بكل ما فيه من غيابٍ حاضر، ومن سلطة بلا صوت، ومن دولةٍ تدير نفسها نيابةً عن زعيم لا يغادر مقعده حتى في الخيال.
???? لا أسرد ما كُتب في الكتب، بل ما كُتب على جلدي.
رأيت السلطة حين تتحوّل إلى إدمان، والحاكم حين يصبح مريضًا لا يعلم أنه مريض.
فالكرسي، كما أخبرنا الراحل الدكتور #أحمد_عكاشة، ليس قطعة أثاث… بل حالة عصبية.
هو محفّز قوي للدوبامين، المادة التي يفرزها المخ حين يشعر بالانتصار، فيدمن الحاكم صوت التصفيق، ووهج الإحاطة، وعبارات الولاء.
???? يفقد تدريجيًا قدرته على التمييز بين رأيه والحقيقة، بين نفسه والدولة، بين منصبه ووجوده.
يُصاب بما سماه علماء النفس السياسي “متلازمة الأنا العليا”:
حالة يرى فيها الحاكم أنه مركز الزمن، وموزّع الأقدار، وأن أي محاولة لنقده هي خيانة، وأي انسحاب له هو نهاية للعالم.
???? كل من جلست معهم من أصحاب السلطة كانوا يظنون أنهم فوق الزمن، وأن التاريخ منحهم تصريحًا أبديًا بالإقامة في الكرسي.
لكن الكرسي لم يمنح أحدًا أبديته إلا ليبتلعه في النهاية.
من #تشاوشيسكو إلى #صدام_حسين، من #القذافي إلى كل من توهّم أن الشوارع لا تمشي إلا إذا قرر.
???? في النهاية، لا يسقط الحاكم من الكرسي، بل من الذاكرة.
يسقط حين يتحوّل من مسؤولٍ إلى متسلّط، ومن زعيمٍ إلى ظلّ، ومن صورةٍ إلى لافتة ممزقة فوق حائط.
???? هناك لحظة نفسية دقيقة تحدث في حياة كل ديكتاتور، لحظة يسقط فيها الحاكم
ارسال الخبر الى: