مخلفات الحرب في أعماق البحر ملاذا لكائناته
في مشهد يبدو للوهلة الأولى متناقضاً، كشفت دراسة علمية حديثة أن الذخائر الغارقة منذ الحرب العالمية الثانية في قاع بحر البلطيق أصبحت ملاذاً غنياً بالكائنات البحرية، يفوق في تنوعه وحيويته الرواسب المحيطة به.
الباحثون الذين استخدموا غواصة آلية لاستكشاف قاع خليج لوبيك بألمانيا وجدوا أن الأسطح المعدنية الصلبة لرؤوس صواريخ V-1 القديمة تستضيف نحو 43 ألف كائن حي لكل متر مربع، مقارنة بـ8 آلاف و200 كائن فقط على الرواسب الطبيعية المحيطة.
المفاجأة الأكبر أن هذه الحياة البحرية النشطة ظهرت رغم وجود تركيزات عالية من المواد المتفجرة السامة، تراوحت بين 30 نانوغراماً و2.7 ملليغرام لكل ليتر من الماء، وهي مستويات قد تكون قاتلة لبعض الأنواع. ومع ذلك، شوهدت شقائق البحر والسرطانات ونجمات البحر وهي تتخذ من الأغلفة المعدنية والفراغات حول الصواعق بيوتاً لها، بينما تجنبت فقط المواضع التي انكشف فيها المتفجر، وفقاً للدراسة التي نشرت يوم 25 سبتمبر/أيلول الماضي في مجلة Communications Earth Environment.
يرجع الباحثون هذه الظاهرة إلى ندرة الأسطح الصلبة في قاع البلطيق، إذ توفر الشقوق والتعرجات في هذه الذخائر أماكن مثالية للتشبث والاختباء والحصول على الغذاء.
يقول المؤلف الرئيسي للدراسة أندريه فيدينين (Andrey Vedenin)، الباحث في علم الأحياء البحرية في جامعة أولدنبورغ الألمانية، إن المستويات العالية من التعرض الكيميائي لم تمنع قيام مجتمع بحري كثيف حول هذه البنى المعدنية، بل على العكس، أصبحت موئلاً مستديماً للحياة على بعد سنتيمترات من المتفجرات. يضيف فيدينين، في تصريح لـالعربي الجديد، أن إغراق الذخائر والسفن كان ممارسة شائعة قبل توقيع اتفاقية لندن عام 1972 التي حظرت تلويث البحار. وتشير التقديرات إلى أن نحو 1.6 مليون طن من الذخائر لا تزال غارقة في المياه الألمانية وحدها.
ولهذا السبب، يقترح الفريق خطة تدريجية لإزالة مصادر الخطر الكيميائي مع إنشاء هياكل صناعية آمنة، مثل الشعاب الاصطناعية، التي تحافظ على الكتلة الأحيائية وتتيح نقلها تدريجياً إلى بيئات أكثر أماناً.
مع مرور الوقت، لم يقتصر الأمر على الكائنات الصغيرة، فقد تراكم الطمي داخل هياكل السفن الغارقة ليشكل
ارسال الخبر الى: