محمد مبوغار سار أفريقيا ما بعد الاستعمار
تأسر الرواية الأفريقية المكتوبة بالفرنسية قارئها بما تقدّمه من نُصوصٍ تجدّد أشكالها السردية دافعةً بها إلى أقصى حدودها، منذ باتوالا (1921)، الرواية التأسيسيّة التي كتَبها المارتينيكي رينيه ماران، ونال بها جازة الغونكور في السنة ذاتها، مروراً بـالمغامرة الغامضة (1962)، للسنغالي الشيخ حميدو كان، وصولاً إلى التجارب الأحدث لألان مابانكو، وفاتيو ديّوم، ودافيد ديّوب، ومحمد مبوغار سار وغيرهم. استطاعت الرواية الأفريقية أن تلفت الأنظار إليها، وتلقى اعترافاً بمساهمتها في إثراء الأدب العالمي بتجَارب شديدة الخصوصية والتميز.
يُعدّ الروائي السنغالي محمد مبوغار سار من أبرز هذه الأصوات منذ أن أصدر مجموعة نصوص توجت بجوائز مهمة، ففي سنة 2014 نال جائزة ستيفان هيسيل عن قصته La cale، ثم مُنح لاحقاً جائزة أحمدو كوروما في معرض جنيف الدولي للكتاب، والجائزة الكبرى للرواية الخلاسية عن روايته الأولى أرض مطوّقة (منشورات الحضور الأفريقي، 2015)، بينما حصلت روايته الثانية سكوتُ الجوقة الصادرة عن الدار نفسها سنة 2017، على جائزة الأدب العالمي. ثم صدرت روايته رجال أنقياء (دار فيليب راي، 2018).
وفي سنة 2021، صدرت روايته ذاكرة البشر الأكثر سرية التي نال بها جائزة الغونكور في العام نفسه، وتتميز بمتخيّلها الذي يمزج بين الواقعي والخيالي، والأسطوري والحقيقي، والصوفي والمادي، والغيبي والدنيوي، وبشخصياتها وسياقاتها الزمنية والجغرافية المتنوعة. كما تتوزّع أحداثها بين فرنسا والأرجنتين والسنغال، بينما يتمحور إطار القصة حول سيرة إليمان مداغ، الكاتب السنغالي المولود عام 1915، والذي تشكّل حياته لغزاً تتقاطع فيه الهوية بالأدب، والغياب بالبحث عن المعنى.
أصدر محمد مبوغار سار مجموعة نصوص توجت بجوائز مهمة
ولد إليمان لأب يدعى أسان لم يتح له أن يراه يوماً، وعُرف عنه ولاؤه الشديد لفرنسا، ويحتمل أنه أصيب خلال الحرب العالمية الأولى أثناء خدمته في صفوف الجيش الفرنسي، بعدما لمع نجمه في الأوساط الأدبية الباريسية بسبب مُؤلّفه المتاهة اللاإنسانية الذي عُدّ تحفةً أدبية غير مسبوقة، ثم اختفى في ظروفٍ غامضة بعد اتهامه بالانتحال الأدبي، إذ غادر باريس في أواخر الأربعينيات في ذروة الجدل الذي أثاره مجموعة من النّقاد حول
ارسال الخبر الى: