محاولة محو التراث الإنساني في غزة
يوما تلو آخر، يتكشف وجه “إسرائيل” البشع، وعقليتها التدميرية اللاإنسانية، ليس تجاه البشر فحسب، بل تجاه الشجر والحجر وكل مكونات البيئة الحضرية، نزاعٌ يتجاوز مجرد إراقة الدم وتحقيق إنجازات عسكرية في الميدان، ليقفز لما هو أبعد من ذلك، إنها حرب مع الحضارة والتاريخ والإنسانية أيضًا، لطمس معالم الآخر وهويته نهائيًّا.
وبصورة لم يسبق لها مثيل، تعمّد جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي يدّعي قادته كذبا وبهتانا، أنه الجيش الأكثر أخلاقية في العالم، تعمّد تدمير الوجه الحضري لقطاع غزة، وطمس المعالم الأثرية الفلسطينية في إطار حرب دموية مستمرة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي في استهداف صريح للإرث الحضاري الإنساني في القطاع.
وفي إطار هذه الحرب الهمجية على غزة، لا تعتني “إسرائيل” بكون هذا الإرث الحضاري هو في الواقع ملك للإنسانية ولكل من يهتم بتاريخ الإنسانية وليس فقط للبلد الذي توجد فيه تلك المعالم، ما يستدعي إطلاق تحقيق دولي محايد في انتهاكات إسرائيل لمحاسبتها والضغط الفعلي عليها لوقف مجازرها البشعة.
ووثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان هجمات جوية ومدفعية شنها جيش الاحتلال على مواقع تاريخية عديدة تشكل الجزء الأبرز في التراث الثقافي في قطاع غزة، بما في ذلك مواقع أثرية ومبان تاريخية ودور عبادة ومتاحف ما أدى إلى دمار وأضرار كبيرة فيها.
ومن بين المواقع التي استهدفها جيش الاحتلال: المسجد العمري الكبير وسط مدينة غزة، وتدمير مئذنته، وثلاث كنائس تاريخية، من بينها كنيسة القديس برفيريوس العريقة، ومعظم أجزاء البلدة القديمة لمدينة غزة وفيها 146 بيتا قديما.
كما دمر جيش الاحتلال موقع البلاخية الأثري، وميناء غزة القديم في شمال غرب مدينة غزة، و “بيت السقا” الأثري في حي الشجاعية، ولحقت أضرار متفاوتة بعدة مواقع تراثية أخرى، مثل موقع تل أم عامر (دير القديس هيلاريون)، وبيت الغصين وهو مبنى تاريخي يعود إلى أواخر الفترة العثمانية، وحمام السمرة.
ودمرت طائرات الاحتلال 6 مراكز ثقافية و5 دور نشر لبيع الكتب على الأقل، أبرزها تدمير المركز الثقافي الأرثوذكسي، وتضرر متحف القرارة الثقافي ومقتنياته بشكل بالغ، وتدمير متحف رفح،
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على