مجزرة بعد مجزرة

٣٤ مشاهدة
نتابع مسلسل الجرائم الإسرائيلية مجزرة بعد مجزرة في وسائل التواصل في حين يلتهي العالم وإعلامه بمتابعة معارك الانتخابات ونتائجها ومنها محاولة اغتيال المرشح الجمهوري الأميركي الشعبوي دونالد ترامب لا مساحة لكل مجزرة في التغطية الإعلامية التي تعج بالعناوين العريضة للسياسة الغربية ولا غضب في الشاشات كما اعتدنا في تغطية النزاعات التي تحرك أجندات السياسة الغربية بتنا نعرف أكثر عن حرب الإبادة المتصاعدة عنفا وسادية في غزة من دون أن تفضي معرفتنا هذه إلى أي تأثير في الضغط من أجل وقف إطلاق نار بحسب ليموند التعذيب في سجون إسرائيل لا يقل عن ما تمارسه الأنظمة العربية على المعتقلين في سجونها في حصيلة الأسابيع القليلة الماضية هناك سلة جديدة من الجرائم من شأنها تقديم أدلة موثوقة على إبادة وجرائم حرب في المحاكم الدولية بتنا نعرف أن الجنود الإسرائيليين يقتلون للتسلية وتمضية الوقت بعد أن رفعت القيود عن استهداف المدنيين في حال الخطر أو في انعدامه نقل موقع 972 عن ستة جنود شهادات بشأن قتل عمد لا تستدعيه الحاجة إلى الحماية من أي خطر القتل يشمل مثلا أي مدني يدخل منطقة تعتبر محظورة حيث جثث القتلى تترك في مكانها متناثرة تقتاتها الكلاب أشعر بالملل فأطلق النار يقول أحد الجنود يقول جندي آخر إن كل رجل بين الـ16 والـ50 من العمر إرهابي محتمل الحركة ممنوعة وكذا الاقتراب من الجنود أو حتى النظر إليهم من نافذة ما الجميع هدف للقتل يقول جندي لا قيود ألبتة على إطلاق النار ليس من الأسلحة الصغيرة فقط بل أيضا الرشاشات والدبابات ومدافع الهاون إنه الجنون لا يبدو هؤلاء الجنود في حالة مراجعة لعادات القتل في يومياتهم يروون فقط وكأن مشاركتهم في التحقيق الصحافي هي أيضا من باب التحايل على الملل نعرف من تحقيق لصحيفة الغارديان البريطانية أن آلة الحرب الإسرائيلية تتعمد استخدام أسلحة مصممة لقذف كم هائل من الشظايا يسبب إصابات مروعة للمدنيين والأطفال خاصة ما يفسر الكم الكبير من حالات بتر الأعضاء لدى الأطفال نقلا عن جراحين أجانب تطوعوا للعمل في القطاع في آخر أشهر ويعلمنا تحقيق نشرته صحيفة لوموند الفرنسية أن أشكال التعذيب والإهانات التي يتلقاها المعتقلون في السجون الإسرائيلية حيث توفي 18 منهم بفعل التعذيب لا تقل عن تلك التي تمارسها الأنظمة العربية على المعتقلين السياسيين في سجونها نعرف أيضا من رسالة نشرتها المجلة العلمية لانسيت أن أرقام ضحايا حرب الإبادة التي تعمل البروباغاندا الإسرائيلية على تحجيمها هي أكبر بكثير من أرقام القتلى إذا ما أحصي الضحايا غير المباشرين للعملية العسكرية بسبب المجاعة والأمراض المعدية وغير المعدية شرحت الرسالة التي أثارت اعتراضات واسعة أن الانعكاسات المباشرة للعمليات العسكرية القتلى ليست كافية في احتساب عدد الوفيات الناجم عن الإبادة بل يستوجب احتساب ضحايا الانعكاسات غير المباشرة للحرب ومنها المجاعة وقطع مياه الشرب وتدمير المشافي والقدرات الطبية وانتشار الفيروسات والأمراض وحالة التشرد والنزوح المتواصل التي يعيشها الناجون من جحيم غزة وغيرها من الانعكاسات غير المباشرة التي تجعل العدد المقدر للضحايا لا يقل عن 185 ألف ضحية تقدير الضحايا غير المباشرين لحرب الإبادة يجعل إحصاء وزارة الصحة الفلسطينية الذي يواجه بالتشكيك أقل بكثير من الأرقام الفعلية للضحايا خصوصا أن 35 من المباني في غزة دمرت وعدد الجثث المدفونة تحت الركام قد يزيد عن عشرة آلاف جثة بحسب التقرير الذي جوبه بحملة تشكيك باعتبار أنه رسالة وليس دراسة علمية نفت المجلة العلمية العريقة أي تضخيم لأرقام القتلى في غزة في خضم الحرب الدائرة مشددة على أن تقدير عدد القتلى اعتمد على الآليات المعترف بها في تقدير عدد الضحايا غير المباشرين في نزاعات سابقة وأن وزارة الصحة في غزة قدمت تاريخيا تقديرات موثوقة لعدد القتلى في الحروب السابقة ولعل إعلان وزارة الصحة الإسرائيلية أخيرا العثور على أدلة تؤكد وجود فيروس شلل الأطفال بوليو في عينات مياه الصرف الصحي في قطاع غزة يرجح واقعية إحصاء ضحايا الانعكاسات غير المباشرة للحرب من لم يمت بالقصف سيموت بالمرض أو الجوع إن لم تعتبر حياته عمليا منتهية بفعل الإعاقة وبتر الأطراف انعكاسات الحرب في غزة ليست كافية في احتساب عدد الوفيات الناجم عن الإبادة لا نحتاج إلى مزيد من الأدلة والتوثيق على جرائم حرب وإبادة في غزة معرفتنا بهذه الجرائم ووضوحها لا يغير شيئا لا التغطية الإعلامية التي لا تزال إلى حد كبير معقمة خالية من الدماء التي تسيل في ساحة الإبادة ولا السياسة العالمية التي لا تزال عاجزة أو غير راغبة في الاعتراف بالمجزرة لم تعد المسألة الوصول إلى أدلة إدانة باعتبار أن الأدلة موجودة وأكثر من كافية بعضها قدمه مرتكبو الجرائم أنفسهم من دون أي إحساس بالذنب أو الخوف من المحاسبة يشكل هذا التضارب الفاقع بين المعرفة وإنكارها نوعا جديدا من العنف يتم إنزاله بالضحايا والمتضامنين معهم وهو فعل إلغاء Erasure ليس فقط إلغاء الحدث نفسه عبر تحجيمه بل أيضا إلغاء القيمة الإنسانية لضحاياه أو المعايشين له والمتضامنين مع معاناة ضحاياه تنقل إلينا وسائل التواصل الاجتماعي كل يوم شهادات عن معيشة لا تحتمل لهؤلاء الذين لا يزالون في قيد الحياة فيما يبدو فعل مصادفة يحظى أصحابه بحظ كبير تكتب بيان وهي مدونة وصحافية فلسطينية من داخل غزة أصبحت النجاة من كل هذا الموت متعبة هي على حق إذ يصعب تخيل الجهد اليومي للاستمرار ما هو أكثر مشقة من هذه المتعبة هو النجاة من موت لا أحد يريد أن يراه أو حتى يتوقف عند وقوعه

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح