مجزرة جباليا منازل ومراكز إيواء مدمرة وجثامين في الشوارع
٣٣ مشاهدة
عادت أعداد كبيرة من سكان مخيم جباليا في شمال قطاع غزة إلى المخيم بعد انسحاب جيش الاحتلال وعودة آلياته للتمركز على الشريط الحدودي الشرقي مع بلدة جباليا ليفاجئهم حجم المجزرة شاهد سكان مخيم جباليا الذين عادوا إليه بعد انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي الخميس الماضي الكثير من الفظائع التي خلفها الاحتلال بحق منازلهم ومتاجرهم كما شاهدوا الكثير من جثامين الشهداء ملقاة في الشوارع وجد كثير من العائدين منازلهم ركاما ووجد آخرون أضرارا أو دمارا جزئيا فقط مع آثار استفزاز واضحة من جنود الاحتلال لسكان المخيم تمثل في رسم النجمة السداسية على ما تبقى من جدران أو أنقاض منازل صمدت في مكانها لعشرات السنين كما تحسر كثيرون على فقد مصادر رزقهم بعد تدمير سوق المخيم بالكامل والذي يعتبر من أقدم أسواق القطاع وهو الأكبر في المخيمات كون مخيم جباليا هو أكبر مخيمات غزة الثمانية ودمرت البنية التحتية بشكل شبه كامل في المخيم وفق تقييم جهاز الدفاع المدني وهي من مسؤوليات وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا والتي طورتها خلال السنوات الماضية عبر برامج ممولة دوليا وما زالت طواقم الدفاع المدني تبحث تحت الأنقاض عن الشهداء والمفقودين والتي تقدر أن أعدادهم بالمئات كما يعتقد أن الاحتلال اعتقل أعدادا من السكان دمر جيش الاحتلال خلال الاجتياح أكثر من ألف منزل في مخيم جباليا وأكد الناطق باسم جهاز الدفاع المدني في قطاع غزة محمود بصل أن أكثر من ألف منزل دمرت بالكامل في منطقة مخيم جباليا من بينها منازل مكونة من عدة طوابق بينما بقية المنازل للتدمير الجزئي والكثير منها لا تصلح للسكن مشيرا إلى انتشال جثامين أكثر من 80 شهيدا حتى صباح السبت من شوارع المخيم ومنطقة مشروع بيت لاهيا معظمهم من النساء والأطفال ومن بينهم أفراد عائلة عسلية التي تم حصارها لعدة أيام ثم قتلهم الاحتلال جميعا بدم بارد وهم 30 شهيدا من بينهم 22 طفلا وامرأة فقد محمد عسلية 40 سنة معظم أفراد عائلته ووصل مجموع شهداء العائلة إلى أكثر من 100 شهيد خلال العدوان الإسرائيلي المتواصل وهي من العائلات المعروفة في بلدة جباليا والتي نزح أفرادها إلى مخيم جباليا يقول محمد عدد كبير من أفراد عائلتي كانوا لا يستطيعون النزوح جنوبا أو مغادرة مدارس الإيواء ونزح الكثير منهم إلى مدرسة في شارع العجارمة شرقي مخيم جباليا حتى يكونوا قريبين من منازلهم في البلدة ويتمكنوا من العودة إليها عند انسحاب جيش الاحتلال لكنهم استشهدوا ومن بين الشهداء أطفال كانت جثامينهم متحللة في أحضان أمهاتهم يضيف عسلية لـالعربي الجديد كان مخيم جباليا مصدر الأمن لنا منذ الانتفاضة الثانية في عام 2000 وأتذكر عندما كنت مراهقا أننا كنا نذهب إلى المخيم عندما كان الاحتلال يقتحم المناطق الشرقية من بلدة جباليا خصوصا المناطق الحدودية وأعتقد أن الاحتلال خطط لتدمير المخيم وقتل كل من فيه أنتمي إلى عائلة تضم العديد من المسنين ويعمل أفرادها مزارعين وتجارا ومن ثم كان يصعب علينا النزوح ذهب عدد قليل من الأقارب إلى منطقة غرب مدينة غزة بينما فضل البقية البقاء في المنطقة وقد حاصر جيش الاحتلال سكان المخيم من كل الاتجاهات عبر سلسلة من القصف ما خلف الكثير من الشهداء وعندما بدأ جهاز الدفاع المدني انتشال الجثامين وجدت جثامين الكثير من أبناء عمي ووجدت جثمان شقيقي الشهيد أحمد والذي عاد لإنقاذ أبناء عمي وأطفالهم لكن قضى شهيدا معهم بين الأنقاض التي عاد لتفقدها عثر ماجد الخطيب على جثمان والده والذي تعرف عليه من خلال جلابيته البيضاء التي كان يرتديها والتي كان يميزها لأنه اشتراها أثناء أداء مناسك الحج قبل عامين كان الشهيد الستيني عبد المالك الخطيب يحلم بالشهادة في منزله ويقول ابنه ماجد كان والدي ممن رفضوا ترك المخيم وقرروا الصمود فيه رغم اشتداد القصف الإسرائيلي المتواصل والعنيف خصوصا في الشهور الأربعة الأولى من العدوان والدي كان يكرر أنه ولد في المخيم وعاش فيه ولن يغادره إلا إلى مدينة يافا التي هجرت منها أسرته عقب النكبة الفلسطينية في عام 1948 أو إلى القبر بعد أن يموت في المخيم يضيف الخطيب لـالعربي الجديد لا أعرف ما سبب ارتكاب هذه المجزرة فمنزلنا دمر عن قصد ووالدي كان داخله وكنت قد قررت البقاء معه لكنه رفض وطلب مني المغادرة وكان معه أحد جيراننا الذين رفضوا النزوح أيضا لكن والدي استشهد واستشهد جارنا هذا وزوجته ودمر جيش الاحتلال الإسرائيلي جميع مراكز الإيواء في المخيم سواء المدارس التابعة لوكالة أونروا أو المنشآت الأخرى التابعة للوكالة خصوصا في المنطقة الشرقية للمخيم ومنطقة وسط المخيم وكذلك مدارس منطقة الفالوجا كما طاول الدمار المدارس الحكومية التي كانت في مقدمة المخيم من الجانب الغربي ويرى كثيرون أن السبب هو محاولة الإجهاز على أي فرصة تسمح بعودة السكان إلى المخيم الذي دمرت منازله ومراكز الإيواء فيه عمد الاحتلال إلى تدمير البنية التحتية لمنع السكان من العودة إلى مخيم جباليا وأكدت وكالة أونروا في بيان صباح السبت أنه بعد الانسحاب الإسرائيلي من مخيم جباليا يكون الاحتلال قد ألحق دمارا وأضرارا بأكثر من 170 منشأة تابعة للوكالة كانت تستخدم لإيواء النازحين في مختلف أنحاء قطاع غزة لكن العدد الأكبر منها كان في مخيم جباليا الذي تضررت جميع منشآت الوكالة فيه وأشار البيان إلى أنه نازحون من بينهم أطفال قتلوا أثناء بقائهم في مدارسنا التي حاصرتها الدبابات الإسرائيلية في مخيم جباليا ودمر الاحتلال أثناء العملية العسكرية السوق المركزي في مخيم جباليا بالكامل ما أفقد المئات مصادر رزقهم وخسروا البضائع والبسطات والمحال وبعضها يتجاوز تاريخ بنائها خمسين عاما من بين هؤلاء أحمد المدهون الذي كان يمتلك محلا لبيع الخضروات ورثه عن والده الذي ورث المحل بدوره عن والده الذي بناه في ستينيات القرن الماضي وكان أحمد يعمل فيه مع اثنين من أشقائه أحدهم خريج جامعي ويمثل مصدر رزق لأسرة مكونة من 16 فردا يقول المدهون لـالعربي الجديد تغيرت ملامح المخيم تماما وكل الطرق تم تدميرها وتدمير البنى التحتية والكثير من المحال دمرت وسويت بالأرض ومن بينها محلي الذي كان فيه بعض البضاعة التي لم أستطيع إخراجها قبل العملية العسكرية وقد خسرت عددا كبيرا من الأقارب والأصدقاء وعثر سكان مخيم جباليا عند عودتهم على عدد كبير من الجثامين المتحللة والجماجم خصوصا في منطقة شرقي المخيم والتي كانت الجرائم الإسرائيلية مكثفة فيها كما شاهد مواطنون في تلك المنطقة إعدامات ميدانية لنساء وكبار في السن ممن لم يحالفهم الحظ بالنجاة أو قرروا البقاء وعدم النزوح من المخيم وجرى دفن هذه الجثامين بعد تسجيل مكان العثور عليها والعلامات المميزة فيها مثل الملابس أو لون الشعر حتى يمكن التعرف عليها من طرف العائلات التي نزحت إلى منطقة غربي مدينة غزة وقد تعرف البعض إلى شهدائهم عبر عدد من التفاصيل مثل عائلة عبد ربه التي كانت تقيم في شرق بلدة جباليا وكانوا من بين النازحين إلى المخيم منذ بداية العدوان وقد طالعت العائلة مجموعة من الجثامين المتحللة حتى تأكدوا من جثمان نجلهم الشهيد عادت بلسم القاضي 35 سنة إلى المخيم لتفقد بعض أغراض أطفالها التي تركتها أثناء النزوح لكنها صدمت عندما عثرت على جثمان رفيقتها في رحلة النزوح أم عمر واثنين من أطفالها والذين كانوا داخل مدرسة الفالوجا التي تعرضت لقصف متواصل أجبر الكثيرين على مغادرتها تقول القاضي لـالعربي الجديد عدنا فوجدنا جميع المدارس مدمرة يوجد فقط أجزاء من السقف والكثير من الركام بينما كل شيء محطم والشوارع مليئة بالحفر واضح أنهم كانوا يتعمدون إحداث هذا الحجم من الضرر حتى لا نفكر في العودة إلى المخيم حاولت التواصل مرات مع رفيقتي في النزوح لكن كانت الاتصالات مقطوعة وكنت أتوقع أنها نجت لأنها كانت ترغب في النجاة بأطفالها لكنهم استشهدوا حتى لو أنهم دمروا المخيم فإننا سنعود لبنائه ولن يكسروا صمودنا