متحف سجن هانوي إرث الاستعمار الفرنسي في فيتنام

٢٧ مشاهدة
يعكس سجن هانوي فصولا من القمع والمعاناة والصمود رغم قهر الاستعمار الفرنسي هو الذي تأسس عام 1896 لاحتجاز السجناء السياسيين الذين قاوموا الاحتلال من داخل جدران سجن هانوي المعروف باسم سجن هوا لو التاريخي في قلب العاصمة الفيتنامية هانوي تشهد أروقة المكان على القمع والمعاناة حيث تقف المعروضات لتروي رغم صمتها قصصا حية عن صمود شعب قهر الاستعمار مع كل خطوة في الزنازين الضيقة تطرح أسئلة عن مدى وحشية الإنسان فوجدت نفسي في مواجهة مع تاريخ لم أعرف عنه سوى من خلال أفلام هوليوود تأسس السجن عام 1896 خلال الحقبة الاستعمارية الفرنسية لاحتجاز السجناء السياسيين الذين قاوموا الاحتلال وتقبع في جنباته تماثيل السجناء المقيدة أقدامهم بسلاسل حديدية والتي تثبت أنه على الرغم من تصميمه لاستيعاب 450 شخصا فقط ضم السجن الآلاف منهم في زنازين مكتظة لا تتوفر فيها أبسط مقومات الحياة وعانوا من ظروف معيشية قاسية للغاية حيث تكدسوا في غرف تفتقر إلى التهوئة والمياه النظيفة وأجبروا على نظام غذائي سيء يقتصر على الأرز المتعفن والخضار الفاسدة أما أدوات التعذيب مثل الأغلال الثقيلة والمقصلة فهي لا تزال تجسد الوجه الوحشي والمظلم لهذا السجن في المقابل ورغم القمع أظهر السجناء شجاعة استثنائية ونظموا داخل الزنازين دروسا سياسية وثقافية لتقوية الروح المعنوية وهو ما أمدهم بالأمل وجعل من السجن رمزا للمقاومة والنضال من أجل الحرية وواجهت النساء المعاناة نفسها وظروفا مروعة وخصص لهن جناح صغير لكنهن استثمرن وقتهن في تعزيز الوعي وتنظيم الأنشطة الثورية أيضا وتروي الملصقات وأجزاء الصحف عن فترة حرب فيتنام في الستينيات وأوائل السبعينيات خاصة بعد تصاعد الحرب في عام 1964 مع بدء القصف الأميركي على شمال فيتنام عملية الرعد المتدحرج حين تغيرت طبيعة استخدام السجن وتحول إلى مركز لاحتجاز الطيارين الأميركيين الذين أسروا خلال الحرب وكان أبرزهم السيناتور الأميركي الراحل جون ماكين الذي أسر في عام 1967 بعد إسقاط طائرته أثناء مهمة قصف في هانوي وقضى أكثر من خمس سنوات سجين حرب ومن منطلق السخرية أطلق الأسرى على السجن اسم هانوي هيلتون ورغم اختلاف الروايات حول طبيعة المعاملة التي تلقاها الأسرى يبقى السجن شاهدا على جزء بسيط مما جرى بين جدرانه خلال الحرب تتناثر صفحات الجرائد على الجدران لتخبرنا أيضا بأنه خلال ديسمبر كانون الأول 1972 تعرضت هانوي لحملة قصف أميركية مكثفة عرفت باسم لاينباكر 2 Linebacker II وغالبا ما يطلق عليها أيضا اسم حملة عيد الميلاد بسبب توقيتها في موسم الأعياد وحاولت الولايات المتحدة حينها تدمير البنية التحتية للمدينة باستخدام قاذفات بي 52 لكن الشعب الفيتنامي أبدى صمودا مذهلا واعتبرت هذه الحملة بمثابة إعادة للأذهان لانتصار ديان بيان فو ضد الاستعمار الفرنسي وهذا اسم معركة حاسمة حدثت في الفترة ما بين 13 مارس آذار و7 مايو أيار 1954 في ديان بيان فو وهي منطقة نائية في شمال غرب فيتنام كانت المعركة تهدف إلى سحق المقاومة الفيتنامية واستعادة السيطرة الفرنسية على المنطقة لكن النتيجة كانت عكسية وتمكنت القوات الفيتنامية بقيادة الجنرال فوتين من محاصرة القاعدة الفرنسية في ديان بيان فو ما أدى إلى انتصار حاسم كانت هذه المعركة نقطة تحول في حرب الهند الصينية حيث أسفرت عن انسحاب فرنسا من فيتنام وتستمر قصص السجن في التبلور حتى بعدما انتهت فترات القتال الكبرى ويخبرنا السجن عما ورد في مذكرات السجين السياسي نغوين هوو ثوي يروي ثوي كيف عاش السجناء حالة من الترقب والخوف حول مصيرهم المجهول حيث اعتقدوا أن الفرنسيين قد يقررون إعدامهم أو نقلهم إلى أماكن أخرى في الجنوب بيد أنهم حاولوا التشبث بالأمل وبادروا إلى جمع قائمة بأسماء الذين لم يطلق سراحهم بعد وأرسلوها إلى الحلفاء والممثلين العسكريين وكانت النتيجة مذهلة وأطلق سراح السجناء السياسيين بفضل نضال الشعب وأعضاء الحزب في هانوي إلى جانب جهود السجناء أنفسهم التي لم تتوقف رغم قسوة الظروف وفي تسعينيات القرن الماضي هدم معظم مباني السجن لكن السلطات أبقت على جزء صغير منه وحولته إلى متحف يعرض المتحف اليوم العديد من الزنازين وأدوات التعذيب التي استخدمت ضد السجناء إلى جانب مقتنياتهم الشخصية مثل الرسائل والصور ومن بين المعروضات البارزة ركن مخصص للسيناتور جون ماكين يتضمن بدلة الطيران الخاصة به وصوره خلال فترة أسره بالإضافة إلى المعروضات تحمل الهندسة المعمارية المتبقية للسجن قصصا عن المعاناة والصمود حيث يعكس تصميم الزنازين والمقصلة واقعا مريرا عاشه السجناء ورغم ذلك ظهرت ملامح الأمل داخل هذا الجحيم إذ استغل السجناء أبسط الموارد للمقاومة مثل إخفاء الوثائق الثورية في أماكن غير متوقعة كالمراحيض بل وتمكن البعض من تربية الدجاج للحصول على مصدر غذائي نادر واليوم يقف متحف سجن هوا لو رمزا للقهر والوجع والعزيمة والصبر ويذكر الزوار بنضال الفيتناميين من أجل الحرية ويدفعنا إلى التأمل في قوة الإنسان على التحمل على مقاومة الظلم ليتحول من مجرد سجن يسرد وقائع الماضي إلى تجربة إنسانية عميقة تأخذنا في رحلة زمنية قريبة تعكس تشابه الحروب وأوجه الاستعمار في كل زمان ومكان

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح