مؤسسات الكيان الإسرائيلي التأسيسية وتسونامي الزبد يذهب جفاء
ولكن العوامل الحزبية والسياسية ليست هي الناظم الوحيد لهذا التراجع في فاعلية “الهستدروت”، فقد أدت الأزمة الاقتصادية الإسرائيلية (1983–1985) نتيجة التضخم والأعباء الاجتماعية، إلى تكبّد “الهستدروت” ديونًا هائلة، واضطرت الحكومة إلى خصخصة الشركات التابعة لها ضمن خطة الاستقرار الاقتصادي، فيما لم تحل هذه الأزمة من دون قدرة “الهستدروت” على شلّ الدولة عام 1997 احتجاجاً على السياسة الاقتصادية لحكومة الليكود وميزانيتها، وهو ما لم يعد ممكناً بعد عام 2000 وخاصة بعد عام 2020، حيث فشل “الهستدروت” في القدرة على تنظيم إضراب عام واسع يشل “الدولة” كحاله سابقاً، ضد تهور نتنياهو في حرب الإبادة على غزة وتهميش قضية الأسرى الإسرائيليين في غزة طوال سنتين، ولا حتى في تغلب نتنياهو على القضاء قبل السابع من أكتوبر، على الرغم أنه سبق لنتنياهو وصف قادة “الهستدروت” بالقتلة المتوحشين، وقد جعلهم هدفاً لسياساته طوال ثلاثة عقود متصلة حتى أضعفهم.
ويتصدر أسباب تراجع “الهستدروت” في عدد أعضائه على سبيل المثال من نحو 50% من مجموع الكيان مع عوائلهم حتى الثمانينيات إلى ما لا يزيد على 10% منذ عام 2000، إلى فصل الكوبات حوليم وهي مؤسسة التأمين الصحي عن “الهستدروت”، ولكن ما هي حال هذه المؤسسة الصحية الهامة؟
تأسست كوبات حوليم كلاليت سنة 1911، وأصبحت الذراع الصحية للهستدروت بعد تأسيسه لاحقاً، تموّلها النقابة وتدير مستشفياتها، حتى شكّلت النموذج الأول للرعاية الصحية الجماعية قبل قيام “الدولة”، ولكنها بعد عام 2000 وعلى الرغم أنها ما تزال أكبر صندوق صحي (نحو 50٪ من السكان)، فإن حصتها السوقية تراجعت من 63٪ قبل 1995 إلى 50٪ بعد 2020، والسبب أنها فقدت المضمون الأيديولوجي-الاجتماعي وأصبحت أشبه بشركة خدمات تنافسية، خاصة بعد أن أقدمت على خصخصة بعض الخدمات والاعتماد على نماذج السوق، ما قلّل من مكانتها الرمزية كمؤسسة تضامنية، كما ظهر لها منافسة قوية من مكابي ومئوحيدت وليئوميت بفضل جودة الخدمات الرقمية والابتكار، بالنتيجة لم تعد كوبات حوليم مشروعاً وطنياً كما كانت، بل مزود خدمات طبيّة في سوق تنافسي، ما يعني تراجع دورها المجتمعي لا
ارسال الخبر الى: