مأزق أمريكي في اليمن حين يصبح التفوق التكنولوجي عبئا استراتيجيا
54 مشاهدة
لطالما نسجت أساطير التفوق العسكري حول قوى عظمى كأنها كيانات لا تمس وجيوش لا تقهر لكن الإنسان اليمني ذلك المعلم الأكبر يعيد تشكيل خرائط القوى بلا توقف وكثيرا ما يخرج من رحم المعاناة ليقلب المعادلات اليوم تشهد سماء اليمن وبحاره ميلاد أسطورة جديدة ليست أسطورة قوة غازية وإنما أسطورة صمود شعب قرر أن ينتزع زمام المبادرة وأن يكتب بمداده هو وبإرادته هو فصلا جديدا من فصول المواجهة حيث تتهاوى أقنعة القوى العظمى لتبدو في حقيقتها أوهاما صنعتها آلة إعلامية جبارة تتهاوى اليوم أمام صواريخ صنعتها أياد يمنية في هذا التقرير سنورد سلسلة من الاعترافات الأمريكية والإسرائيلية وبالشكل الذي ندرك من خلاله موقع الشعب اليمني في خارطة الصراع وما الذي يجب علينا فعله مستقبلا حتى نحافظ على هذه القوة التي أساسها ومنشأها هو التأييد الإلهي سقوط الأقنعة وانزياح مركز الثقلتتوالى الاعترافات الأمريكية الرفيعة بشأن إسقاط اليمن التفوق العسكري لواشنطن وهيمنتها في المنطقة حيث أقر قائد كبير في القوات الجوية الأمريكية بأن مقاتلات إف 35 تعرضت لتهديدات بالغة الخطورة في الأجواء اليمنية ما يؤكد أن شعبنا وقواته المسلحة مثلما أنهوا زمن الهيمنة البحرية للولايات المتحدة ودحروا قواتها وأذرعها التجسسية من الأرض فإن القادم إسقاط تفوقها الجوي وقال قائد السرب المقاتل 34 في القوات الجوية الأمريكية في تصريحات له إن مقاتلات إف 35 تعرضت لإطلاق نار مباشر فوق اليمن أثناء عملياتنا السابقة وأضاف أن الإطلاق المباشر الذي تعرضت له مقاتلات إف 35 فوق اليمن هو الأول من نوعه خلال مهام قمع الدفاعات الجوية منذ 20 عاما لم تكن تلك الكلمات التي نطق بها قائد السرب المقاتل الرابع والثلاثين في القوات الجوية الأمريكية مجرد تصريح عابر لقد كان اعترافا مدويا أشبه بزلزال استراتيجي هز أركان البنتاغون فمقاتلات إف 35 الشبح وهي قمة ما أنتجته التكنولوجيا الحربية الأمريكية قد تعرضت لإطلاق نار مباشر فوق الأجواء اليمنية كان يعلن بغير وعي ربما عن نهاية عصر إنه الاعتراف الذي يكافئ في قيمته الاستراتيجية معارك كبرى فهو لا يعني فقط أن هذه الطائرة المتطورة التي بلغت تكلفتها المليارات لم تعد في مأمن بل يعني أن الحصانة الجوية التي تمتعت بها واشنطن لعقود قد انتهت هذا الإطلاق المباشر الذي وصفه بأنه الأول من نوعه خلال عقدين هو الشهادة الأبلغ على حقيقة التحول النوعي في ميزان القوى لقد انتقلت المعركة من سطح البحر إلى عنان السماء فبعد أن أجبرت القوات اليمنية خمس حاملات طائرات أمريكية على الفرار من المنطقة واحدة تلو الأخرى مثل آيزنهاور و روزفلت و ترومان كان سقوط هيبة البحرية الأمريكية أمرا محتوما ولكن أن تنتقل الضربة إلى سلاح الجو الخط الأحمر الذي كان يعتقد أن لا أحد يقترب منه فهذا هو التحول الجيوسياسي بامتياز إنه إعلان أن اليمن لم يعد يردع بالحديد والنار بل أصبح هو من يفرض شروطه بالحديد والإرادة وفي ذات السياق وهو ما يعزز المشهد نقل موقع تاسك آند بيربس الأمريكي المتخصص بالشؤون العسكرية عن العقيد المتقاعد في القوات الجوية الأمريكية مارك جونزينجر طيار اختبار سابق لطائرة B 52 قوله إن العمليات في اليمن كشفت عن نظام دفاع جوي يمني أكثر تقدما من المتوقع ما يجعل الهجمات المباشرة بالطائرات غير الشبحية التابعة للجيش الأمريكي أكثر خطورة وأشار إلى أن قدرة القوات اليمنية على اكتشاف واعتراض الأهداف الجوية بما في ذلك الطائرات الأمريكية فرضت معادلة جديدة على حسابات واشنطن العملياتية وأكد الضابط أن أنظمة الدفاع الجوي اليمنية تجعل الهجمات الجوية المباشرة أكثر خطورة مما كان متخيلا موضحا أن الطيارين الأمريكيين يجبرون اليوم على اتخاذ إجراءات تفاد ومناورة في الأجواء اليمنية لم تكن مطلوبة في السنوات السابقة وهو ما يدل على تطور قدرات الرصد والاعتراض لدى القوات اليمنية تشريح سقوط الأسطورةلننظر إلى المشهد بعناية قبالة سواحل اليمن حيث مضيق باب المندب الشريان الحيوي للاقتصاد العالمي السفن الحربية العملاقة غادرت مربع تسيد الموقف تقارير مواقع متخصصة مثل تريد ويندز تؤكد أن اليمنيين هم أسياد المضيق بلا منازع هذه السيادة لم تكن منحة من أحد بل كانت ثمرة استراتيجية بحرية ذكية جعلت من قاع البحر الأحمر متحفا لكرامة أمة وصفت بأنها ضعيفة ووفقا لتحليل كتبه هاري باباكريستو المحلل في موقع تريد ويندز المختص بشؤون الملاحة البحرية فإن الحديث المصري حول استئناف حركة السفن الكبيرة عبر البحر الأحمر في القريب العاجل يعكس الحرص المصري وذلك حسب التحليل أن السبب بسيط فما دام الحوثيون هم أسياد مضيق باب المندب بلا منازع فإن شركات الشحن الكبرى ستتردد في إرسال سفنها بأعداد كبيرة فضلا عن تحديد مواعيد منتظمة ومتوقعة مضيفا أن احتمالات العودة الكاملة للشحن البحري إلى البحر الأحمر تتوقف بشكل مباشر على تطورات الصراع بين إسرائيل وحماس حينما ينقلب الردع ضد صاحبهفي غرفة الحرب في البنتاغون لم تعد المعضلة عسكرية بحتة بل أصبحت اقتصادية واستراتيجية شاملة تقارير مثل تقرير موقع وور أون ذا روكس الأمريكي تحلل بعمق الكلفة الحقيقية لعمليات البحر الأحمر فالحساب لم يعد مقصورا على ثمن الصاروخ الاعتراضي البالغ ملايين الدولارات بل يشمل تكلفة تشغيل حاملة الطائرات والمدمرات المرافقة والوقود والطواقم وسلاسل الإمداد الطويلة إن استخدام صاروخ بقيمة 4 ملايين دولار لاعتراض طائرة مسيرة تكلف بضعة آلاف فقط هو انتصار تكتيكي للعدو وهزيمة استراتيجية للقوة العظمى إنه استنزاف بطيء لكنه مؤكد وأظهر الكاتب إريك شو الضابط في القوات الجوية الأمريكية والمحلل في مجال أبحاث العمليات أن البحرية الأمريكية تعتمد منذ أواخر عام 2023 على ذخائر باهظة الثمن لاعتراض الطائرات المسيرة اليمنية لافتا إلى أن التركيز على عبثية استخدام صواريخ بملايين الدولارات ضد مسيرات زهيدة الثمن يغفل الصورة الأوسع جهود عشرات السنين تنتهي في أشهروكشف الموقع الفرنسي فوتورا سينس عن واحدة من أكبر الانتكاسات التي تواجهها البحرية الأمريكية بإخفاقات حاملة الطائرات ترومان وسقوط ثلاث طائرات سوبر هورنت متقدمة وهو خير دليل على أن الهيبة العسكرية التي استغرق بناؤها عقودا يمكن أن تتهاوى في أشهر قليلة ووفق تقرير نشره الموقع فإن الانتشار الذي بدأ كاستعراض أمريكي للردع تحول سريعا إلى سلسلة حوادث تقنية وبشرية محرجة انتهت بإلحاق ضرر بالغ بهيبة الأسطول الأمريكي إذ فقدت البحرية الأمريكية ثلاث طائرات متقدمة من طراز سوبر هورنت خلال المهمة في خسارة وصفها الموقع بأنها ضربة قاصمة لسمعة الأسطول الأقوى عالميا واعتبر الموقع أن مغادرة ترومان للبحر الأحمر لم تكن خطوة اعتيادية بل جاءت بعد تتابع حوادث وصفت بأنها ضربات مباشرة لمكانة البحرية الأمريكية أبرزها إسقاط طائرة سوبر هورنت عن طريق الخطأ في ديسمبر 2024 بنيران الطراد يو إس إس غيتيزبيرغ اصطدام الحاملة بسفينة تجارية بنمية قرب بورسعيد في فبراير 2025 ما أدى إلى إقالة القبطان ديف سنودن سقوط طائرة أخرى أثناء عمليات السحب داخل الحظيرة في أبريل انقطاع سلك الإيقاف في مايو ما تسبب بسقوط طائرة خارج سطح الحاملة وأضـاف التقرير أن هذه الحوادث كشفت ثغرات خطيرة في القيادة والصيانة والانضباط والتدريب داخل المجموعة الضاربة ما جعل المهمة تتحول من إظهار للقوة الأمريكية إلى ملف مفتوح على تساؤلات داخل البنتاغون بشأن الجاهزية الحقيقية للبحرية وأكـد أن الخسائر المباشرة وخاصة سقوط ثلاث مقاتلات تجاوزت 180 مليون دولار إلا أن الخسارة الأكبر كانت في الهيبة العملياتية للبحرية الأمريكية التي بدت عاجزة أمام خصم ذي إمكانات محدودة مقارنة بترسانتها الضخمة وأوضح التقرير أن القوات اليمنية نجحت في الحفاظ على مستوى مرتفع من الضغط طوال فترة انتشار ترومان ما أربك خطط الردع الأمريكية وأظهر هشاشة غير متوقعة لدى الأسطول الأمريكي في منطقة حساسة كالبحر الأحمر وركز على أن استمرار الهجمات اليمنية أوصل رسالة واضحة مفادها أن الردع الأمريكي لم يعد تلقائيا كما كان وأن أطرافا أصغر قادرة على فرض كلفة استراتيجية باهظة على واشنطن حتى في أهم الممرات البحرية واستنتج الموقع أن إخفاقات ترومان ستترك آثارا تتجاوز البحر الأحمر في ظل مراقبة الصين وروسيا لهذا الأداء في وقت تتزايد فيه أهمية إثبات القوة في المناطق الحيوية مشيرا في الختام إلى أن هذه الانتكاسة قد تكون بداية مراجعة قاسية داخل واشنطن بعدما كشفت المهمة عن فجوات مقلقة في الجاهزية وأضعفت صورة القوة الأمريكية في لحظة دولية مشحونة بالتوترات لقد نجح اليمن في تحويل تفوق أمريكا التكنولوجي إلى نقطة ضعفها فبسبب هذا التفوق أصبحت الخسائر المادية والمعنوية الأمريكية هائلة كل صاروخ يطلق وكل طائرة تفقد وكل حاملة تضطر للانسحاب هي فصول في ملحمة إعادة تشكيل الخريطة الاستراتيجية العالمية حيث لم تعد القوة تقاس بحجم الترسانة فقط بل بالقدرة على تحويل هذه الترسانة إلى عبء على صاحبها اشترك وانظم ليصلك آخر الأخبار عبر منصات العين برس على مواقع التواصل الإجتماعي واتس أب تيليجرام منصة إكس The post مأزق أمريكي في اليمن حين يصبح التفوق التكنولوجي عبئا استراتيجيا appeared first on Alainpress