ليل العالم في مرآة الكتابة

50 مشاهدة

رافق الأدب منذ وجوده السؤال الآتي: ما الجدوى منه حيال الجوع والموت والدمار؟ هل يكون الأدب نوعاً من الترف، أم حاجة لا تقلّ ضرورة عن الخبز؟ نطرح هذا السؤال اليوم من جديد أمام العودة إلى العنف الخالص، وازدهار الحروب، والتلويح باستعمال السلاح النووي، وصعود اليمين المتطرّف في الغرب، وسقوط القوانين والمعاهدات والمواثيق الدولية التي أُرسيَت عقب الحرب العالميّة الثانية.

الحرب ليست تدميراً للأجساد والعمران فحسب، بل للمعنى نفسه أيضاً، للّغة، وللقدرة على تَخيُّل مستقبل غير الذي يبشِّر به الواقع الراهن. هنا يتقدّم الأدب بصفته مقاومة من نوع آخر. مقاومة النسيان والمحو وتجريد الإنسان من إنسانيته. فهو يوفّر مساحة للإنصات إلى ما يُطمَر تحت الأنقاض، وإلى الوجوه التي تُمحى والأصوات التي تتلاشى. صحيح أنّ الأدب لا يُطعم الجائع ولا يوقف القصف ولا يغيّر موازين القوى، لكنّه يطرح أسئلة جوهريّة منها: كيف نبقى بشراً وسط العنف؟ كيف نصون هشاشتنا وذاكرتنا؟

معنى الأدب في زمن الويلات ليس فقط مسألة أخلاقية أو وجدانية، بل سؤال فلسفي وتاريخي أيضاً. حين نتأمّل ما جرى في الحرب العالمية الثانية، ندرك كيف تحوّل الأدب إلى مختبر لمعاينة حدود اللغة والتجربة الإنسانية معاً. وقد انبثقت في تلك الحقبة تيّارات ومدارس فكرية متعدّدة، من أبرزها الوجودية مع جان بول سارتر وألبير كامو. ورغم ما بينهما من اختلافات، فقد اشتركا في رؤية أساسيّة أنّ العالم بلا معنى جاهز، وأنّ الإنسان يواجه العبث وجهًا لوجه، وأنّ المنفذ لا يكون في الهروب بل في المواجهة.

حين تقع الحرب، فإنها تفرض على الأدب أن يعيد تعريف ذاته

عندما نختبر أقصى درجات التدمير المادي والروحي، تجد اللغة نفسها أمام تحدٍّ كبير: هل في استطاعة الكلمات أن تقول ما يتعذّر قوله؟ حين تقع الحرب، فإنها تفرض على الأدب أن يعيد تعريف ذاته. ولم تعد الحرب حدثاً استثنائيّاً، بل صارت واقعاً متواصلاً، كأنّ العالم لم يتعلّم شيئاً من أهوال القرن العشرين. وفي مواجهة هذه الكارثة المتكرّرة، لا تكون مواقف الأدباء متجانسة بالضرورة. ففي حين اختار كامو

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح