ليبيا متاجرة سياسية بإعمار درنة بعد عام من كارثة دانيال

١٩٩ مشاهدة
مر عام على كارثة إعصار دانيال الذي ضرب عدة مناطق ومدن في شرق ليبيا أبرزها مدينة درنة مخلفة الآلاف من الضحايا والمشردين وسط إعلانات عن مشروعات الإنماء والإعمار التي تتولاها سلطة اللواء المتقاعد خليفة حفتر لم تتحقق منها إلا نسب ضئيلة ولم تعلن سلطات حكومة مجلس النواب المسيطرة على درنة والخاضعة لسلطة حفتر عن أرقام واضحة ونهائية لضحايا السيول والمشردين وكان آخر ما أعلنه الناطق باسم قيادة مليشيات شرق ليبيا أحمد المسماري من أن عدد الضحايا بلغ 4120 قتيلا فقط من دون أن يحدد أعداد المفقودين والمشردين لكن منظمة الصحة العالمية قالت إن الرقم النهائي هو 4333 قتيلا إلى جانب 8500 مفقود و42 ألفا و245 مشردا فقدوا مساكنهم وإثر الكارثة قررت سلطة حفتر نهاية سبتمبر من العام الماضي إنشاء جهاز إعمار تحت مسمى صندوق إعمار مدينة درنة والمناطق المتضررة وتولاه بلقاسم أحد أنجال حفتر بموافقة مجلس النواب الذي وضع عشرة مليارات دينار ليبي كرأسمال أولي وصلاحيات مطلقة للتصرف في موارد ضخمة لعشرات المؤسسات الخدمية والمالية التي نقلت لتبعية الصندوق وفي الوقت الذي بدأت فيه لجنة محلية بالمدينة في صرف تعويضات مالية لمن فقدوا منازلهم في مدينة درنة أطلق صندوق إعمار المدينة والمناطق المجاورة لها عشرات مشاريع إعادة إعمار درنة تزامنا مع إعلانات عن توقيع عقود مع شركات عربية ودولية ضخمة للبدء في تنفيذ تلك المشروعات أكبرها ربط ضفتي درنة بخمسة جسور وصيانة عدد من المؤسسات التعليمية والخدمية وإنشاء مجمعات للوحدات السكنية افتتاح مشروعات قليلة في درنة وعلى الرغم من أن الصندوق أعلن خلال الأشهر الماضية أن 60 من 243 مشروعا بدرنة قد اكتملت إلا أنه لم يفتتح منها في الذكرى الأولى للكارثة إلا مستشفى ومدرسة ومسجدا جميعها كانت في طور الصيانة وفي حفل نظمه بلقاسم حفتر بمشاركة رئيس مجلس النواب عقيلة صالح مساء أول من أمس الثلاثاء تم خلاله افتتاح مدرستين للتعليم الأساسي ومسجد الصحابة ومستوصف الهريش فيما ينتظر أن يشارك حفتر في وقت لاحق في حفل لتوزيع شقق عمارات تقع على طرف المدينة الغربي يشير المهندس المدني جبريل المهيوب إلى أن العمارات كانت ضمن مشروعات سابقة متوقفة وتم استكمالها لتكون ضمن مشروعات الإنماء الحالية في المدينة ويستدرك المهيوب في حديثه لـالعربي الجديد بالقول لا ننكر وجود ملامح مشاريع إعمار واسعة لتغيير وجه المدينة لكنه يعبر عن مخاوف قد تنتج عن الإسراع في الإنجاز ما يؤثر على الجانب الفني ومتانة الأبنية بمرور الوقت ويعبر عن مخاوف من إمكانية استثمار المشاريع الإنمائية لحصد مكاسب سياسية مشيرا إلى أن إحدى المدرستين تمت إزالتها بالكامل وأعيد بناؤها في ستة أشهر فقط لتفتح بواسطة شركة محلية وتتصل مخاوف المهيوب بالغموض المحيط بحقيقة مشاريع الإعمار التي بلغت 243 مشروعا متسائلا من يقف وراءها على وجه الحقيقة فمهما كانت قدرة الصندوق المالية كبيرة فلن تستوعب الصرف على هذا العدد الهائل من المشاريع والأرجح أن هناك مستثمرين أجانب ومن العرب امتلكوا عقودا للاستثمار في المدينة وما يخيف حقا هو عدم الإعلان عنهم من جانب وعدم الإعلان عن خطة هذه المشاريع ومواقعها في المدينة ووفقا لإعلانات صندوق إعمار درنة فإن المشاريع القائمة داخل المدينة تشمل 11 مشروعا هي مشاريع المرافق التعليمية والمرافق الصحية والمنشآت الرياضية والطرق والبنية التحتية والكهرباء والإنارة والحدائق والمنتزهات والجسور والكباري والفنادق والإسكان العام وصيانة الواجهات وكورنيش المدينة مكاسب سياسية ويتساءل المهيوب حيالها بالقول أين ستنفذ كل هذه المشاريع الضخمة فسعة المدينة محدودة بسبب التضاريس التي تحصرها في مساحة ضيقة بين الجبل والبحر كما أن المساحة التي دمرتها السيول وتجري فيها مشاريع الإعمار حاليا هي ربع المدينة فقط ويثير المهيوب سؤالا آخر حول شمول صندوق الإعمار المناطق المجاورة لمدينة درنة والتي تضررت بسيول العاصفة فحسب مسمى الصندوق يقتضي أن مشاريع الإعمار يجب أن تشملها لكن ما يعلن عنه فقط مشاريع درنة معتبرا أن ذلك خوفا إضافيا آخر يتصل بإمكانية استغلال كارثة درنة التي استرعت انتباه كل العالم لحصد مكاسب سياسية وإهمال غيرها ويشترك الناشط المدني أيوب القاضي مع المهيوب في مخاوفه لافتا إلى أن سلطات حفتر والحكومة الخاضعة له لم تعلن حتى الآن عن أي جديد بشأن مرفق سدود درنة التي كانت سببا رئيسيا في كل ما حل بالمدينة وسببا في مشاريع الإعمار وفي يوليو الماضي حكمت محكمة الجنايات بطرابلس على 12 مسؤولا ليبيا بالحبس لمدد مختلفة بعد ثبوت صلتهم باهتراء سدود مدينة درنة على الرغم من صرف الدولة مبالغ طائلة لصيانتها وتقويتها لصد المياه عن المدينة ويؤكد القاضي في حديث لـالعربي الجديد أن سدي وادي درنة لا يزالان على حالهما متسائلا ما الذي سيحمي المدينة من كارثة أخرى ونحن على أبواب فصلي الخريف والشتاء والتحولات المناخية تزيد كل يوم مضيفا أن حالة عدم اليقين في كل شيء تزيد من القلق من عدم جدية السلطات في رأب الصدع الذي تعانيه المدينة خاصة الشرخ الاجتماعي الذي لن ينفع مع مشاريع الإعمار بسبب خطط التعويض العشوائية للمواطنين الذين فقدوا منازلهم وممتلكاتهم ويلفت القاضي إلى أن عدم الإعلان عن الأعداد الحقيقية لضحايا الفيضانات لا يقف وراءه تكتم متعمد بل عجز عن الإحصاء وربما عدم الرغبة من أصله لأنه سيرتب أموالا إضافية للتعويض من جهة ومشكلة قانونية أساسية في الملكية الخاصة للأراضي التي ستقام عليها مشاريع الإعمار لا سيما إذا كان الأمر متعلقا بسعي الحكومة في تمليك هذه الأراضي لمستثمرين أجانب لتنفيذ مشروعات الإعمار عليها متاجرة بإعادة الإعمار وحتى الآن حسب شهادة القاضي لا تعمل في مدينة درنة سوى الشركات المحلية ذات القدرة المحدود على مواجهة الدمار الذي لحق بالمدينة ولذا فهي تقتصر على مشاريع الصيانة فقط بالإضافة إلى بعض الشركات المصرية والتركية التي تعمل في مشروعات البنية التحتية كبناء جسور رابطة بين ضفتي المدينة وغيرها من المشروعات التي تتطلب وقتا أطول لإنجازها ويطرح القاضي سؤالا يتعلق بمصادر تمويل هذه المشروعات في ظل ذهاب سلطة حفتر لضم مناطق أخرى في الجنوب ووسط البلاد لصندوق الإعمار لافتا إلى أن مبلغ 10 مليارات دينار مبلغ ضخم جدا ويكاد يكون كافيا لإحداث تغيير كبير لكن تبقى مسألة الرقابة على الصرف وقنوات التمويل غير واضحة ما يجعل مبدأ الشفافية والإفصاح مغيبا تماما ويرى القاضي أن وقوع مأساة درنة والمناطق المجاورة لها في مفاصل الصراع القائم بين الأطراف السياسية حولها إلى سلعة للمتاجرة السياسية فذهاب مؤشر الإعمار لسلطات الشرق دفع سلطات طرابلس إلى افتعال أزمة المصرف المركزي لوقف تدفق الأموال لتلك المشاريع لعرقلة محاولات سلطة حفتر استغلال ملف الإعمار للدعاية الشعبية وتحسين صورته السابقة

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح