لمحة مفاجئة لأشياء أعمق غياب الإنساني في مقابل الفني

٤٢ مشاهدة
في جديده لمحة مفاجئة لأشياء أعمق حاول المخرج الوثائقي الإيرلندي المتميز مارك كازينز بصدق وإخلاص إعادة الاعتبار إلى التشكيلية الاسكتلندية ويلهلمينا بارنز ـ غراهام بتسليطه ضوءا على أعمال فنانة لم تلق انتباها واهتماما وتكريما كثيرا في حياتها ولا بعد وفاتها قبل عقدين عن 91 عاما يعتبر لمحة مفاجئة إلى أشياء أعمق الفائز بـالجائزة الكبرى في مسابقة الدورة الـ 58 28 يونيو حزيران ـ 6 يوليو تموز 2024 لـمهرجان كارلوفي فارى السينمائي الدولي من نوع المقالة الإخبارية التي تتحدث عن فنانين عظماء منسيين يستحقون إعادة اكتشافهم إنه رؤية بصرية وجمالية جديدة وفريدة ودافئة لأعمال فنانة مجهولة وتعريف الجمهور بها وبشذرات من حياتها والتوقف عند محطات متفرقة في مسيرتها المهنية والفكرية من دون التعمق كثيرا في الذاتي والشخصي والإنساني بعد المشاهدة يتكون اطلاع وإلمام بالفنانة وبتفكيرها واشتغالها وربما يحدث إعجاب بأعمالها مع ذلك هناك جهل بكثير مما كانت عليه حياتها وواقعها ومسيرتها هي المعروفة بـويلي الاسم المحبب لها الذي استخدمته لتخفي ماهيتها كأنثى تمارس الفن التشكيلي ففي أربعينيات القرن الـ20 وخمسينياته لم يكن العالم يرحب كثيرا بممارسة الأنثى لهذا الفن خصوصا إذا كان تجريدي الطابع ولدت ويلي في سانت أندروز عام 1912 لعائلة نبلاء والدها مستبد للغاية عارض بشدة طموحها في أن تصبح فنانة وهذا سبب تركها المنزل وانتقالها إلى سانت آيفز عام 1940 هربا من عائلتها هناك وجدت مجتمعا من الفنانين ذوي تفكير مماثل على حياء بدأت تشق طريقها بصمت من دون الطموح في أي شيء خلا ممارسة فنها لكن كما يقول كازينز اللحظة الأعمق والأكثر تغييرا في حياتها حدثت في زيارتها لسويسرا عام 1949 عندما تسلقت جبل غريندلفالد الجليدي أذهلتها المناظر الطبيعية وأمدتها بإلهام لعقود عدة حاول كازينز إظهار تأثير الرحلة على إنتاجها الإبداعي باستعراض أغلب لوحاتها المنفذة بين عام 1951 ونهاية السبعينيات الماضية ثم استكمل استعراض أعمالها قبل نهاية الفيلم انتهاء بآخر لوحة لها 2002 إلى هذا تروي تيلدا سوينتن مقاطع من مذكراتها ويتضمن الفيلم أيضا تسجيلات صوتية للفنانة نفسها من دون لقطات أرشيفية مصورة لها إضافة إلى ظهور لين غرين مؤرخة فنية ومؤلفة سيرة الفنانة وتعليقها الصوتي وشروحاتها اللافتة للانتباه يقسم كازينز فيلمه إلى خمسة عناوين فرعية تحاول الاقتراب من شخصيتها وأعمالها أهمها عقل ويلي حاول فيه سبر أغوار عقل هذه المرأة الملهمة الذي عقلها كان أساسا المدخل إلى فنها وعالمها المثير للانتباه عشقها الغريب للرياضيات والأرقام والحروف والنظام الذي ابتكرته لربط الألوان والحروف والأرقام وتنفيذ لوحات بناء على هذا الربط في خطوة تجريدية وغريبة وجامحة من ناحية أخرى لسبب أو لآخر صرف كازينز النظر عن تقديم الفنانة كشخصية إنسانية ذات جوانب مختلفة يمر أمام محطات مهمة في حياتها من دون التوقف عندها مليا ما يجعل المشاهد يتمنى لو أنه استخدم معلومات سيرتها الذاتية بالبراعة نفسها لاستخدامه وتوظيفه لوحاتها وصورها ومخطوطاتها ودفاتر مذكراتها اكتفى بالحديث شذرا عن والديها الصعبين والقاسيين وتحولها لاحقا إلى البهائية وأفكارها عن حركة تحرير المرأة ورفيقيها زواج قصير الأمد من ديفيد لويس ورفقة مع روان جيمس كعادته في أغلب أفلامه خصوصا لمن يتابعها ويألفها ولا سيما تلك المهمة للغاية عن تاريخ السينما والأفلام والمخرجين أورسون ويلز وألفريد هيتشكوك وغيرهما لا يدهش كازينز بانخراطه في سرد روائي وتورطه في حب الشخصية وأعمالها واستحواذه على التعليق الصوتي الممتد في الفيلم رغم استعانته بصوت سوينتن وإن كان انتقاله إلى تناول الفن التشكيلي لا يقارن باحترافه في تناول السينما وتاريخها وروادها مقارنة بأفلامه السابقة أيضا يمكن التشديد على أن ليس كل ما تضعه في فيلم ينجح ويصنع مفعولا مثلا مقطع يشعر فيه بالقلق من أن لوحة لويلي اشتراها له صديقه في مزاد مزيفة علاقة الوشم الرقمي على يده وكيف كانت ويلي ستحبه أو وشمه في نهاية الفيلم للوحة لها على كتفه صحيح أن فنها المهمش بشكل غير عادل يستحق الاحتفاء لكن كازينز لم يقرب المشاهد من هذا بشكل كبير ومقنع ففي النهاية يصعب على غير متذوقي الفن التجريدي الحكم بإنصاف رغم مثالب أخرى خاصة بلقطات متكررة من دون فائدة وما يتعلق بالإيقاع والتشويق وكلها تقتطع كثيرا من الرصيد الفني لـلمحة مفاجئة لأشياء أعمق ومن جمالياته جديد كازينز ضروري جدا لتسليطه الضوء بشكل محبب على فنانة شبه مجهولة ذات رؤية فنية وفكرية تستحق التوقف عندها وتفحصها

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح