لماذا تخشى إسرائيل صعود سورية الجديدة
منذ عقود وإسرائيل تسعى لأن تظل القوة الإقليمية الوحيدة المتفوقة في الشرق الأوسط، عسكريًا واقتصاديًا وتكنولوجيًا. غير أنّ مسار الأحداث يشير إلى أن سورية الجديدة، بعد أن تطوي صفحة الحرب وتسير بخطى متسارعة نحو الاستقرار السياسي والانفتاح الاقتصادي والدبلوماسي، قد تتحول إلى منافس استراتيجي قادر على تقليص هوامش التفوق الإسرائيلي. إنّ ما يقلق تل أبيب ليس مجرد عودة سورية إلى الساحة، بل إمكانية أن تتحول إلى قوة إقليمية صاعدة يعاد عبرها رسم موازين القوى في المشرق العربي والشرق المتوسط.
أولاً: الموقع الجيوسياسي... عقدة الشرق والغرب
سورية، بحكم الجغرافيا، تقع على تقاطع يربط الخليج ببحر المتوسط، والأناضول ببلاد الرافدين. هذا الموقع يجعلها ممرًا طبيعيًا لخطوط الطاقة من نفط وغاز، كما يجعلها جسرًا بريًا للاتصالات والألياف الضوئية التي يمكن أن تربط آسيا بأوروبا من دون المرور عبر الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل أو عبر المسارات البحرية المكلفة.
إسرائيل اليوم تحاول فرض نفسها محطةً مركزيةً لتصدير الغاز شرق المتوسط عبر شراكات مع قبرص واليونان، إلا أنّ أي مشروع مستقبلي يمر عبر سورية، سواء كان خط الغاز الإيراني–العراقي–السوري أو مشاريع بديلة ترعاها قوى إقليمية، سيقوّض مكانة إسرائيل ممرًا وحيدًا، ويفتح خيارات أوسع أمام الأسواق الأوروبية الباحثة عن بدائل للطاقة الروسية.
ثانيًا: إعادة الاندماج الدبلوماسي والاقتصادي
من المؤشرات الواضحة على الصعود السوري الجديد إعادة فتح قنوات مع الدول العربية وإعادة دمشق إلى الجامعة العربية. هذه الخطوة ليست رمزية فحسب، بل تمهّد لاستثمارات خليجية محتملة في إعادة الإعمار، ولعودة سورية إلى النظام المالي الإقليمي، وكذلك وقعت دمشق اتفاقيات بطابع اقتصادي مع دول أوروبية.
إسرائيل تتابع هذه التطورات بقلق بالغ، لأنها تدرك أن كل دولار يدخل في مشاريع البنى التحتية السورية هو استثمار في قوة إقليمية جديدة ستستعيد تدريجيًا وزنها السياسي. وإذا ما تحولت سورية إلى ساحة استثمارية مفتوحة للصين وروسيا والخليج، فإنها ستكسر العزلة التي سعت تل أبيب لتكريسها طوال عقد كامل.
ثالثًا: الوجود العسكري والتحالفات الدولية
لا يمكن إغفال البعد العسكري. سورية ليست مجرد جغرافيا
ارسال الخبر الى: