إن كنتم مؤمنين الإيمان موقف لا شعار

قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ}[الأنفال: 73]، ما أعظم هذا التحذير الرباني .. وما أبلغه من إنذار .. آية تهز ضمير الأمة وتضعها أمام مسؤوليتها التاريخية .. إما أن تتناصر كما يتناصر الكافرون، أو تهوي في فتنة تذر الأرض خرابا، والدين غريبا، والحق وحيدا، التحالف ضدكم أيها المسلمون قائم .. فأين أنتم؟
الكفار بعضهم أولياء بعض .. لا يجمعهم دين ولا أخلاق ولا قيم بل تجمعهم عداوتهم لهذه الأمة وتخطيطهم لإضعافها، وتحالفهم على نهب خيراتها وتضييع قضاياها.
تحالفوا شرقًا وغربًا، ونصبوا العداء لكل من يقاوم ولكل من يتمسك بدينه وعزته وكرامته، فهل وقف المؤمنون صفا واحدا كما أُمروا؟
هل التزموا بالولاء لأمتهم كما يلتزم أعداؤهم ببعضهم؟
أين فقه الولاء والبراء؟ أين معنى الأمة الواحدة التي جسدها النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟
إن لم تفعلوه … تكن فتنة !!! فتنة في العقيدة، وفتنة في القلوب، وفتنة في الأرض، وفساد لا يوقفه إلا صادقون يتواصون بالحق، ويتناصرون عليه.
*إن كنتم مؤمنين*.. صيحة يقظة لا جملة اعتراضية .. ليست هذه العبارة مجرد تذييل بلاغي أو زخرف بياني، بل هي صيحة توقظ الغافلين، وتفضح المدّعين .. {أَتَخْشَوْنَهُمْ؟ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ *إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ*}[التوبة: 13]، {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ *إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ*}[آل عمران: 175]، {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ *إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ*}[آل عمران: 139]، هذه الآيات لا تترك لنا مساحة للتهرب، بل تخاطبنا بوضوح … إن كنتم مؤمنين بحق فلا خوف ولا ضعف ولا خنوع ولا تبعية.
إن كان الإيمان حيّا في قلوبكم فأنتم الأعلون، لا تهزمون بعُدّة ولا تُذَلّون بقِلِّة، أما إن خفتم أعداءكم وهنتم أمام جبروتهم وركنتم إلى فتاتهم فقد خالفتم شرط الإيمان.
الإيمان لا يكون باللسان بل بالميزان .. قال الله تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَـٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا}[الحجرات: 14]، فالقول لا يُغني عن الفعل، والإسلام الظاهري لا يعوّض عن الإيمان العميق الصادق
ارسال الخبر الى: