كدت أكون طفلا في حضن أبيه

25 مشاهدة

ذات صباح يوم غابر من أيام سنة 1998، كنتُ أقف إلى جانب أمي على الرصيف المقابل للفندق المسمّى حاليًا لابيرلا، في مدينة الحسيمة في المغرب. رأيت طفلًا ينزل من سيارة كانت قد رُكِنت توًّا جنب الرصيف. كان الطفل مُتجهًا نحو محلّ بقالة، لكنه تعثّر وسقط ما إن ثبّت قدميه أمام باب المحل. كان الشارع خاليًا، وكنّا أنا وأمّي نراقب الطفل رغمًا عنّا.

لم يكن لدينا ما نفعله. كنّا ننتظر حلول وقت موعدي لدى جمعية تساعد أطفالًا يعانون من نقص البصر، وكانت الفحوصات الطبية الإلزامية التي خضعت لها وقتئذ قد صنّفتني طفلاً يعاني من تشوّه في شبكة العين اليسرى. في لحظة ما، قبل أن يستجمع الطفل قواه لينهض من سقطته، كان الرجل الجالس خلف مقود السيارة قد ترجّل مُسرعًا في اتجاه الطفل. قلت لأمّي: سوف يساعده والده... وقبل أن أنهي كلامي، كان الرجل يصفع الطفل بلا رحمة، وبلا توقّف، ويسائله: لماذا تعثّرت، لماذا سقطت؟ ألا تستطيع أن ترى طريقك؟

كان الطفل يبكي ويصرخ متوسّلًا: آبابا، آبابا، آبابا، لا لا. كدت أبكي أيضا، لكنّني وقتئذ كان قد مرّ وقت طويل منذ أن رأيت فيه أبي، رحمة الله عليه.

كنت أتمنى أن أعود إلى المغرب وأرى أبي الذي لم أره منذ أن كنت طفلاً، لكن أقدار الكون كلّها تحالفت ضدّي

عاد الطفل مع الرجل إلى السيارة، ورحلا إلى حيث لا أدري. في طريقنا إلى مقرّ الجمعية، سألت أمّي:

- هل ستضربيني إذا تعثرت أو سقطت؟

- هيا يجب أن نكون أمام مقرّ الجمعية. أجابتني أمي!

- أمي أريد أن أسألك: سألني المعلم في المدرسة قبل أيّام.

- ماذا قال المعلم؟

- لقد أجبرني على الوقوف أمام التلاميذ، وقال لي ماذا يعمل والدك؟

- وماذا كان جوابك؟

لقد أخبرته بأنّ أبي كان في هولندا.. وبكيت.

لماذا بكيت؟ لقد أخبرتك بالحقيقة.

- لم أعرف ماذا أقول. الآن أين أبي؟

- اسمع، سوف يأتي أبوك ويراك، وحين تكبر يمكن أن تذهب أنت أيضًا لرؤيته أو العيش

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح