كازابلانكا إسماعيل غزالي سيناريوهات الحياة اليومية

26 مشاهدة

تنتهي رواية المغربي إسماعيل غزالي ثلاثة أيام في كازابلانكا عند خاتمة معلّقة لا تستبعد يوماً رابعاً أو خامساً. فالرواية، التي تُبسط على ثلاث دفعات ومشهد خلف مشهد، تقدّم مدينة كازابلانكا وكأنّها تنتشر شيئاً فشيئاً، لقطة وراء لقطة، بل في الحقيقة هنيهة هنيهة. الهنيهة في الرواية هي الأحداث التي تتزامن في لحظة واحدة، مقطعاً بعد مقطع، وقائع لا تتوقف الكتابة عند خبرها، الذي يستتبع بدوره أخباراً ثانية تتناثر في الزمان نفسه، بل ومضات متقابلة.

إنه يوم في كازابلانكا، ليس يوماً فحسب، بل مدار كامل. كلُّ لحظة هي زمن يستقطب شريطاً من وقائع تتجاور وتتكامل فيه. تبسط الرواية من هنا وهناك ما يبدو مقطعاً من حياة المدينة. هنا نشعر بأن السرد هو عرض دقيقة بدقيقة للحظات عارمة، واحدة تلو الأخرى، بالتفاصيل التي تتراكب بسرعة متلاحقة، وكأنها عناوين، قصاصات، ولوحات مركبة. هذا العرض يجعلنا زواراً وضيوفاً، نجول في المدينة التي يقدمها الراوي لوحة بعد لوحة.

كلُّ لحظة هي زمن يستقطب شريطاً من وقائع تتجاور وتتكامل

في كل ذلك تستعيد المدينة مرة بعد مرة الحشد الهائل من اللحظات والأخبار والتفاصيل، فتبدو كتلة مركّبة من زمان ومكان. المدينة ليست مجرد خلفية، بل هي داخل السرد وموضوعه. وراء الأسماء المتلاحقة فصلاً بعد فصل، نلتقي بمختلف المهن: مدراء، أصحاب شركات، سينمائيون، أهل حرف من سائقين وباعة، إلى جانب جنسيات عدة: كولومبيون، إندونيسيون، أندلسيون، مكسيكيون، ومعهم زنوج قطعوا أقدامهم من بلدانهم إلى المغرب. هذه الزمرة الآتية من كل صوب هي كازابلانكا.

بالنسبة لغزالي، كازابلانكا ليست مجرد مدينة، بل عالم كامل؛ أناسها وحوادثها أكثر من كونها مدينة، فهي المدينة العالمية بمفهومها وبنائها. لا يغفل الغزالي عن أن ينعتها، بل يعتبرها أفريقيا مفتقدة، ومجالاً للفقد والشرد، وأحياناً أسطورة حديثة. نحن هنا أمام عصرنا كله، بل أمام تاريخنا بأجمعه. هذه المتواليات، التي تتتابع، تمثل لحظة مركّبة تضمر عمراً كاملاً: مجتمعاً، عصراً، وعالماً. بذلك تبدو الرواية كسيناريوهات تجعل لها مدى سينمائياً، وكازابلانكا هي حياتنا اليوم وحداثتنا.

/>
إسماعيل غزالي (فيسبوك)

تتمدد

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح