حظي العراق بموسم قمح استثنائي ووفرة إنتاج غير مسبوقة فتحت شهية الفاسدين لنهب الدعم الحكومي عبر توريد حنطة إلى وزارة التجارة إما مهربة أو رديئة وبذور مخصصة للزراعة من أجل الحصول على سعر زاد عن ضعف الثمن العالمي رفض الفلاح العراقي عدنان الشمري صفقة تقوم على تزويده بكميات من الحنطة المهربة من خارج البلاد والبذور المعفرة تمت معالجتها لمقاومة الأمراض خلال طور النمو وغير المعفرة في مقابل تحميلها وبيعها إلى وزارة التجارة التي تشتري القمح المحلي من المزارعين بسعر مجز من أجل دعمهم جاء العرض في توقيت صعب على الشمري إذ تعرض إنتاج الموسم الحالي لأمطار غزيرة أتلفت كميات كبيرة بسبب الرطوبة التي أصابته بالآفات الحشرية بالإضافة إلى عدم فعالية المبيدات في مكافحتها وهو ما تكرر مع جيرانه الذين رفضوا العرض وفضلوا عدم الحديث عن هوية مقدميه خوفا من التبعات الأمنية والقانونية لكن آخرين قبلوا إذ وضعت وزارة التجارة العراقية يدها خلال الموسم الحالي على 2500 طن من الحنطة المعفرة والتالفة أو التي أنتجت بمواسم سابقة أو بذور وزعتها وزارة الزراعة على الفلاحين من أجل زراعتها أثناء محاولة بيعها للحكومة بحسب ما يكشفه لـالعربي الجديد المتحدث باسم الوزارة محمد حنون ويصفه النائب في البرلمان أمير المعموري بـالفساد في ملف تسويق القمح والذي يقف وراءه متنفذون لم يسمهم خشية الاستهداف كما يقول ويشرح طريقة عملهم بأنهم يستغلون بدء موسم تسويق الحنطة عقب الحصاد للتربح من بيع بذور قمح رديئة وغير معفرة قد تكون مهربة من الخارج أو كميات من الحنطة التالفة أو المحلية المصبوغة جرى التلاعب بها لتظهر كأنها من إنتاج الموسم الجديد إلى الحكومة بالسعر العالي بادعاء أنها منتج محلي يستحق الدعم لماذا يتم خداع الجهات الحكومية قبل انطلاق موسم زراعة القمح سنويا تشتري وزارة الزراعة العراقية بذورا بعضها مستورد وجودته عالية بقيمة تصل مع تكاليف التخزين إلى نحو مليون دينار 764 دولارا أميركيا للطن الواحد ثم تعيد بيع الطن للفلاحين بسعر مدعوم يبلغ 350 ألف دينار 267 دولارا كما يوضح المعموري وكذلك بيانات وزارة الزراعة العراقية التي تؤكد أن دعم سعر البذور المعفرة يصل إلى 70 ويختلف بحسب الرتبة الدرجة والجودة وتوزع على المزارعين مقادير متفاوتة كل حسب الكمية المخصصة له ضمن الخطة الزراعية ومساحة أرضه واستعدادات موسم القمح التي تبدأ في شهر أكتوبر تشرين الأول من كل عام وبعد الحصاد تشتري الوزارة المحصول بسعر محدد يتم الإعلان عنه سنويا وبلغ في الموسم الجاري 850 ألف دينار للطن 645 دولارا والذي يفوق نظيره العالمي بـ350 ألف دينار كما يقول حيدر الكرعاوي مدير الشركة العامة لتجارة الحبوب حكومية والتابعة لوزارة التجارة والتي تختص باستيراد الحنطة والأرز لأغراض البطاقة التموينية وتسويق وخزن وتنقية وتعبئة الحبوب تشتري الحكومة طن القمح من المزارعين بضعف السعر العالمي وازدادت المساحات المزروعة بالحنطة هذا العام لتصل إلى 12 مليون دونم بسبب وفرة الأمطار ونظم الري الحديثة التي عممتها الحكومة بعد ما استصلحت أربعة ملايين دونم من الأراضي الصحراوية باستخدام المرشات والمياه الجوفية وبلغ حجم الإنتاج 7 ملايين و800 ألف طن وهو رقم قياسي بحسب بيانات وزارة التجارة وما بدا من سعادة على وجه الفلاح عذاب حسن لدى إجابته عن سؤال حول حجم إنتاجه في الموسم الحالي والذي وصفه بـالواعد نتيجة وفرة الأمطار ما سهل مهمته في زراعة أرضه التي تبلغ مساحتها ألفي دونم في ضاحية اليوسفية جنوبي بغداد وضاعف إنتاجها ليصل إلى 1200 طن للدونم بينما تراوح في السابق بين 550 و650 طن للدونم وترجح وزارة التجارة أن تبلغ كلف شراء الحنطة من الفلاحين نحو ستة ترليونات و630 مليار دينار عراقي أي ما يزيد عن 5 مليارات دولار كيف يقع الفساد يرصد النائب المعموري ضمن دوره الرقابي كيف تقع عمليات الفساد والتربح من تسويق بذور القمح التي وزعت لأغراض فلاحية بهدف كسب أموال من فرق الأسعار عبر معلومات وأدلة اطلع عليها من خلال موظفين في وزارة التجارة تحفظ على ذكر أسمائهم خشية استهدافهم على يد المتورطين في بيع وشراء القمح الموزع على الفلاحين خريف كل عام والذين يعيدون إخراجه من مخازنهم في شهري مارس آذار وإبريل نيسان أي قبل انطلاق موسم الحصاد بفترة قليلة بدعوى أنه من الإنتاج المحلي لإعادة بيعه إلى وزارة التجارة بالسعر الرسمي وهو ما استدعى صدور كتاب عن مدير مكتب رئيس الوزراء علي رزوقي اللامي برقم 3018 2413743 وموجه في 29 إبريل 2024 إلى وزارة الزراعة بـالالتزام بتعفير كامل لبذور الحنطة المسلمة إلى الفلاحين والمزارعين وبنسبة 100 وعدم الاكتفاء بتعفير الأكياس من الخارج وعدم تسليم بذور الحنطة التي ما زالت مخزونة من الأعوام السابقة بما يعرف بـ الحايلة أي الفاسدة كون أغلب هذه الحنطة مصابة بالحشرات المخزنية إلى المزارعين والفلاحين من أجل استخدامها في الموسم الزراعي المقبل وصدر الكتاب بتوجيه من رئيس مجلس الوزراء بعد اكتشاف حالات عدم تعفير للبذور تعقيمها بهدف إعادة تسويقها على أنها من إنتاج العام الحالي وكذلك تسليم الفلاحين بذور غير صالحة بسبب إصابتها بالحشرات وفق البرلماني المعموري وبسبب وقوع عمليات التلاعب والفساد تلك وجه مدير الشركة العامة لتجارة الحبوب تحذيرا إلى فروع الشركة ومراكز التسويق التابعة لها بالانتباه إلى محاولات تسويق الحنطة المستوردة أو المحلية المصبوغة أو المعفرة للحصول على الدعم خلافا للقانون والتعليمات وهو ما يعد جريمة استيلاء على المال العام وفق ما جاء في كتابه عدد 6999 الصادر في 25 مارس آذار المنصرم لذلك يتم حجز أي كمية مسوقة منها وإحالة من يقوم بتسويقها إلى المحاكم وإلغاء خطة المسوق وعدم اعتماده في جميع مراكز الاستلام ولا يقف الأمر عند هذا الحد إذ تصادر الكمية وتتخذ الإجراءات القانونية بحقه بعد استحصال قرار من الجهات القضائية تحايل على الإجراءات الحكومية ينفي المتحدث باسم وزارة التجارة تورط جهات حكومية في المتاجرة بالحنطة خاصة أن وزارة التجارة تعيد البذور وكذلك الحنطة المتبقية من مواسم سابقة إلى وزارة الزراعة متهما المزارعين لكنه يصر على أن التلاعب لم يحدث على نطاق واسع بل اقتصر على فلاحين عددهم محدود لم يتجاوز خمس حالات ما دفع الحكومة العراقية لعقد اجتماع برئاسة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وجميع الجهات المعنية بملف تسويق القمح والتي تضم وزارتي الزراعة والتجارة والأجهزة الأمنية لإصدار قرارات تعالج الملف ومن أبرز الإجراءات التي أعلن عنها مجلس الوزراء إخضاع الشاحنات المحملة بالقمح والمخصصة لـالمناقلة توصيل القمح من المحافظات التي امتلأت مخازنها إلى أخرى لديها إمكانيات للتخزين إلى رقابة مشددة عبر منع خروجها نحو الصوامع ما لم تقدم أوراقا ثبوتية تؤكد أن الحمولة من الإنتاج المحلي مع فحوص تثبت سلامتها وصلاحيتها مختومة من المراكز التسويقية للحد من محاولات التربح من تسويق القمح بصورة غير شرعية وقطع الطريق أمام تهريب حنطة دول الجوار وتسويقها داخل العراق كما يوضح حنون لافتا إلى أن جميع الكميات التي تصل إلى الصوامع التابعة لوزارة التجارة تشتريها الحكومة وتتم عملية استلام محصول القمح وفق إجراءات فنية وإدارية يتم أثناءها فحص الكميات التي يرغب الفلاحون بتسويقها مخبريا للتأكد من صلاحيتها وجودتها من خلال الحصول على عينات متفرقة وفي حال ظهر أنها معفرة أو ليست من إنتاج الموسم الجديد أو أنها بذور مخصصة للزراعة يتم استبعادها وبالرغم من ذلك يجري الالتفاف على الإجراءات الحكومية كما يكشف النائب المعموري إذ تم رصد حالات تسليم كميات من القمح لصوامع أهلية تستخدم في حال امتلاء الصوامع الحكومية كإجراء مؤقت إلى حين نقل القمح إما لمحافظة أخرى أو تحويله للمطاحن مباشرة خوفا من تلفه بعد تعرضه للأمطار ما يفتح بابا واسعا للتحايل عبر الزج بكميات حنطة مهربة على أنها من إنتاج الموسم المحتمل تلفه ويتم تحويله إلى دقيق وهذه الكميات الإضافية خارج الخطة الزراعية التي حددت الكميات المستلمة بكل محافظة لذلك يجري التحقيق بشأنها وتشير النتائج الأولية إلى وقوع محاولات لتسويقها على أنها من إنتاج العام الحالي رغم أنها من فائض إنتاج الموسم الماضي أو قمح مستورد أو بذور معفرة ما سبق تؤكده وثيقة برقم 3018 2413671 صادرة عن مدير مكتب رئيس الوزراء علي رزوقي اللامي وموجهة إلى وزارة الزراعة أمر فيها بـ وقف التعاقد مع المعامل الأهلية وتقليل كمية البذور المستلمة بما يتلاءم مع الخطة الزراعية وحسب التوصية للدونم الواحد ما يعني أن ما عدا تلك الكميات يدخل ضمن محاولات تسويق غير قانونية استبدال القمح في المطاحن يمتنع أصحاب مطاحن خاصة عن استخدام القمح الذي تزودهم الحكومة به من أجل تجهيزه للمواطنين والسوق المحلية وعوضا عن ذلك يعيدون شحنه إلى صوامع وزارة التجارة على أنه من إنتاج الموسم الحالي وهكذا يتربحون من سعره الكبير بشكل غير شرعي وفق إفادة المعموري وعيسى عبد الله وهو اسم مستعار لموظف يعمل في إحدى المطاحن الخاصة طلب عدم ذكر اسمه تجنبا لاستهدافه واصفا ما يجري بأنه استبدال القمح الحكومي المخصص لتحويله إلى دقيق وتوزيعه ضمن الحصة التموينية بحنطة من نوعيات رديئة ليتم بيعه للحكومة بالسعر الرسمي بالتواطؤ بين أصحاب المطاحن ومتورطين من النافذين يجري صبغ بذور القمح حتى تظهر كأنها من إنتاج الموسم الجديد وتشن لجان وزارة التجارة حملات مستمرة لرصد نوعيات القمح المستبدلة والرديئة وتمكنت إحداها من مداهمة المطحن الذي يعمل فيه عبدالله واكتشفت 200 طن قمح مخالف ليتم إحالة صاحب المطحن إلى التحقيق للمرة الأولى بعد أعوام من التلاعب بينما يستمر غيره في نهب قوت العراقيين إحباط محاولات تسويق القمح المهرب والرديء أحبطت فرق الأمن الوطني عمليات تسويق لكميات من القمح المهرب من دول الجوار إلى العراق بحسب ما يبينه لـالعربي الجديد مصدر في جهاز الأمن الوطني العراقي طلب عدم الإفصاح عن اسمه كونه غير مخول التصريح لوسائل الإعلام كاشفا أن الجهاز ضبط في أكثر من عملية كميات قمح جرى إدخالها إلى العراق وإعادة تحميلها بدعوى أنها من الإنتاج المحلي وبعضها تالف أو من البذور وتورط في هذا موظفون يعملون في مختبرات تتولى فحص القمح إذ تلقوا رشى لإصدار تقارير تفيد بأنها صالحة وسليمة ومن الإنتاج المحلي وضبطت الأجهزة الأمنية 14 شاحنة في محافظات كركوك شمال البلاد وصلاح الدين وكربلاء وواسط وسط العراق محملة بـ 400 طن من القمح جرت محاولة تسويقها بشكل غير قانوني فضلا عن ضبط أكثر من 340 طنا من الحنطة المعفرة وغير الصالحة للاستهلاك في محافظة ديالى شرق بغداد و800 طن أخرى غير مطابقة للمواصفات جرت محاولة تسويقها لصوامع المحافظة كما ضبطت 1800 طن من الحنطة التالفة في محافظة الأنبار غربا جرت محاولة تسويقها لصوامع مدينة الرمادي وفق بيانات حصل عليها العربي الجديد من المصدر الأمني ويترتب على طحن القمح المعفر أو المصبوغ وغير المطابق للمواصفات أو المحتوي على مبيدات مخاطر صحية كبيرة بحسب توضيح الطبيب بلال نعمان المختص بالطب الباطني كونه يحتوي على الفوسفات العضوية إسترات حمض الفوسفوريك والذي يسبب سمية عصبية تؤدي لألم في الأطراف والوخز وقد يتطور إلى شلل حركي أما المبيدات الحشرية ومن بينها مالاثيون وباراثيون وفينثيون ودورسبان وديازينون وكلوربيريفوس والسارين وهو أحد غازات الأعصاب الصناعية المستخدمة في قتل الحشرات تترك أعراضا متنوعة على البشر في حال تناول مواد ملوثة بها كالقمح ومنها حدوث تراجع معدل نبضات القلب وعدم انتظامها وانخفاض حاد بضغط الدم واختلاجات يضيق معها التنفس وتدميع في العين وتشوش الرؤية وانسكاب اللعاب والتعرق الشديد والسعال والقيء وتكرار التبرز والتبول بأوقات متقاربة جدا