واحة سيوة قوافل الملح تهدد البيئة وتزعج السكان والسياح
مع غروب الشمس في واحة سيوة الواقعة على مسافة 900 كيلو متر من العاصمة المصرية القاهرة، وعلى عمق 300 كيلو متر في الصحراء، يهرول عشاق الطبيعة إلى شواطئ بحيرات الواحة الهادئة لمشاهدة الضوء الوردي الذي يشع فوق طبقات الملح الطافي على سطح المياه، والمتراكم على حواف البحيرات، ليرسم مشاهد طبيعة خلابة.
يبدو الباحثون عن الهدوء في الواحة التي تبعد عن الحدود الليبية نحو 80 كيلو متراً فقط، أكثر انسجاما مع الطبيعة، حيث يحلو لهم السهر حتى ساعات الصباح الأولى لمشاهدة أطياف النجوم المتلألئة، ولا يضج مضاجهم إلا هدير الشاحنات التي تلوث مناطق مازالت تعيش حياة البكورة، والتي تصدر ضجيجاً يتداخل مع أصوات معدات التنقيب في مناجم الملح، وآليات الشحن التي تستهدف تحميل أكبر كمية من الملح المتراكم حول البحيرات، والمنتشر على سطح الأراضي الشاسعة من حولها.
تزيل الآليات الطبقة الرملية الرقيقة عن السطح، فتبدو الأرض كاللؤلؤ المنثور المتوهج. خلف هذا اللمعان تبدو القصة شديدة التعقيد في واحدة من أكثر البيئات العمرانية المصرية هدوءاً، والتي اعتاد أهلها العيش ببساطة على مدار قرون طويلة، بين كنزها الطبيعي من الملح، والذي تحول في بضع سنوات إلى نقمة تهدد مستقبل واحتهم.
ظل الملح جزءا من الحياة اليومية لأهالي سيوة المقدر تعدادهم رسمياً بنحو 20 ألف نسمة، يقيمون على مساحة لا تزيد عن 250 ألف فدان، إذ يستخدمونه في بناء منازلهم التراثية، وقد بنوا به قلعتهم التاريخية شالي، والتي مكنتهم من البقاء آمنين من الغزاة في وسط الصحراء لقرون، إذ مزجوا الطين مع الملح لتكوين مادة صلبة تعرف محلياً باسم الكرشف لإنشاء الأبنية المختلفة.
ووظف أهالي سيوة هذه المادة المتفردة التي تبدو في جمال الرخام الصخري في بناء بيوت عصية على الغرباء، يتوه فيها الغريب من كثرة تعاريجها وقسوتها البادية من الخارج، بينما هي تحميهم من تبدل الطقس، إذ تمنحهم الدفء شتاء والرطوبة صيفاً، كما صنعوا من الملح أجمل التحف، ومن بينها النجف الذي يضاء بزيت الزيتون المنتشر في الواحة، لتضفي على البيوت نوراً وروعة،
ارسال الخبر الى: