قمة الاجرام وفداحته عندما يدين الجلاد ضحاياه
في عصر الهيمنة الأمريكية والاستكبار العالمي، حَيثُ تتشابك الخطوط بين الجلاد والضحية، وبين الحق والباطل، وبين البراءة والإجرام، تبلغ الجريمة ذروتها الأكثر فداحة.. فليست الذروة أن يقتل الجلاد ضحيته – فذلك، وإن كان فعلًا إجراميًّا مشينًا – فَــإنَّ الفداحة الحقيقية تكمن في اللحظة التي يغتصب فيها المعتدي زمام الخطاب، فيقلب المعادلة، ويلبس ثوبَ القاضي أَو المدافع عن القيم والإنسانية والعدالة والديمقراطية، ثم يبدأ في تلفيق التهم لضحاياه، مُدِينًا إياهم بجرائم هم أبعد الناس عنها.
هذه الآلية الشيطانية ليست جديدة؛ فقد عرفها البشر منذ عصور، لكنها اليوم تتطور مع تطور أدوات القتل والإبادة: قصفًا، وحصارًا، وتجويعًا، وتشريدًا، وإرهابًا، وإعلامًا موجَّهًا.
والغرض منها هو تشويه الضحية كاستراتيجية همجية لتبرير الحرب والقتل والاستهداف ضد الشعوب العربية والإسلامية.
فبدلًا عن أن يواجِهَ الجّلادُ الأمريكي حقيقةَ جرائمه، يسعى جاهدًا إلى تحويلِ الضحية إلى كائنٍ مُدانٍ في نظر الرأي العام، فينزع عنه صفة الإنسانية أولًا، ثم يُلصق به أبشع التهم، وعلى رأسها “الإرهاب”.
كيف يتم ذلك؟
- قلب الحقائق وتقمص الأدوار:
يقدم النظام الأمريكي القمعي نفسه باستمرار على أنه “الضحية”، مدعيًا أنه مستهدف من قبل من يعارض سياسته الاستبدادية.
فيتحول المقاومون والمناهضون في خطابه إلى “إرهابيين” أَو “مخربين” يهدّدون الأمن القومي العالمي.
وهو ذاته من يخلق الأزمات الإنسانية والمعاناة عبر تدخلاته العدوانية، ثم يستخدم تلك الكوارث التي صنعها لتبرير تدخلاته الجديدة ومشاريعه التآمرية.
- تجييش الإعلام والخطاب الموجَّه:
يمتلك هذا النظام آلة إعلامية ضخمة تُوظف لنشر روايات مزيفة وأكاذيب متكرّرة، عبر قنوات موالية وخطابات رسمية.
ومع التكرار، تتحول الأكاذيب إلى “حقائق بديلة” في أذهان البعض.
فتُقدَّم جرائمه على أنها “عمليات استباقية” لـ”حماية الأمن” أَو “الدفاع عن القيم الإنسانية”!
- التبرير الأيديولوجي المزيف:
يلجأ رأس هذا النظام إلى بناء سرديات أيديولوجية عدوانية، يروِّجُها عبر الهيئات الدولية والمؤتمرات والقوانين، ليقدم جرائمه كـ”ضرورة حتمية” أَو “واجب أخلاقي”.
وفي هذه المرحلة، لا يكتفي بقتل الإنسان، بل يسعى إلى قتل الحقيقة نفسها وطمس الضمير الجماعي.
- النزعة العنصرية والعدوانية:
ينظر العدوّ الأمريكي-الصهيوني إلى الشعوب التي
ارسال الخبر الى: