تفجر السجال أخيرا في أوساط المثقفين الفرنسيين حول قصر طوكيو وهو من أهم المساحات المخصصة للفنون المعاصرة في العاصمة الفرنسية أثير هذا السجال عقب سحب سيدة الأعمال الفرنسية ساندرا هيغيدوس تمويلها للقصر بعد 15 عاما من الرعاية المستمرة بسبب المعرض الحالي الذي يستضيفه حتى نهاية شهر يونيو حزيران تحت عنوان قلق الماضي يستكشف معرض قلق الماضي العلاقة بين الفن والتغيرات الاجتماعية مع التركيز على الحركات المناهضة للإمبريالية والاستعمار في أماكن مختلفة من العالم بين ستينيات وثمانينيات القرن العشرين وفي هذه السياق يتطرق المعرض في جانب منه إلى أحد المشاريع الفنية التي أسسها فنانون فلسطينيون في المنفى لدعم القضية الفلسطينية في صفحتها على إنستغرام اتهمت سيدة الأعمال الفرنسية قصر طوكيو بأنه يدعم وجهة نظر مؤيدة لفلسطين ولا تعترف بحق إسرائيل في الوجود كما تقول أضافت هيغيدوس وهي واحدة من أبرز المؤيدين لدولة الاحتلال الإسرائيلي أنه من حقها سحب تمويلها من مؤسسة لم تعد تلبي تطلعاتها تعقيبا على ما ذكرته سيدة الأعمال الفرنسية أدان تحالف مؤسسات الفن المعاصر في باريس DCA الدوافع التي ساقتها هيغيدوس واعتبروها محاولة للضغط على قصر طوكيو أو عقابه لم يكتف التحالف بهذه الإدانة إذ أصدر بيانا للتوقيع يعلن فيه رفضه للضغوط التي يمارسها أصحاب رؤوس الأموال على مؤسسات الفن دعت الرسالة التي وقع عليها حتى الآن أكثر من ألفين من الشخصيات الفاعلة في المجتمع الثقافي الفرنسي إلى الحفاظ على حرية المؤسسات الثقافية حتى لا تفقد مصداقيتها وتأثيرها كما اعتبر البيان أن الأكاذيب التي يروج لها حول مؤسسات الفن المعاصر على وسائل التواصل الاجتماعي تشكل خطرا على عالم الفن والفنانين دافع البيان عن قصر طوكيو معتبرا أنه من بين أهم المؤسسات التي لعبت دورا محوريا في دعم الفنون المعاصرة ودعم الفنانين خلال العقدين الماضيين بمجموعة واسعة من الممارسات الفنية والمعارض الجادة واعتبر البيان أن مهمة المؤسسات الفنية ليس إثارة الخلافات أو الانقاسامات أو التحيز لأحد الأطراف كما يدعي بعضهم بل تسليط الضوء على النقاط الخلافية من منظور فني ونقدي وهي مهمة في غاية الأهمية للمجتمع معرض قلق الماضي هو نتاج لبحث بدأته في عام 2008 الباحثتان والقيمتان كريستين خوري ورشا سلطي يستعيد المعرض قصصا لأربعة مشاريع طموحة تأسست في أماكن مختلفة من العالم ويستكشف الروابط بينها المشاريع الفنية الأربعة تعود إلى متاحف في المنفى ظهرت إلى حيز الوجود بوصفها صورة من صور المقاومة والصمود في وجه الإمبريالية أو الأنظمة التابعة لها استلهمت القيمتان فكرة قلق الماضي من المعرض الفني الدولي من أجل فلسطين الذي أقيم في بيروت عام 1978 وكان نواة لمشاريع توثيقية أشبه بالمتاحف المتنقلة للفنون الفلسطينية توسع المشروع البحثي لاحقا ليشمل مشاريع مشابهة أقيمت في المنفى أسسها ناشطون من تشيلي في عهد بينوشيه وجنوب أفريقيا أثناء نظام الفصل العنصري ونيكاراغوا في أعقاب الانقلاب العسكري في السبعينيات يتخذ المعرض هيئة توثيقية فهو لا يحتوي أعمالا فنية بقدر ما يحتويه من صور ووثائق وقصاصات من صحف قديمة توقف بعضها عن الصدور إلى جانب هذه الوثائق استعان المنظمون أيضا بتسجيلات شفهية مع عدد من الأشخاص المشاركين في صنع هذه المشاريع الأربعة جمعت هذه الوثائق من لبنان والأردن وسورية والمغرب ومصر وإيطاليا وفرنسا والسويد وألمانيا وبولندا والمجر وجنوب أفريقيا واليابان تستكشف هذه السجلات والوثائق شبكة متقاطعة من جهود التعاون والتداخلات المختلفة بين هذه المشاريع الأربعة والتي آمن أصحابها بالفن أداة للمقاومة والصمود تظهر الوثائق كيف استفاد المعرض الدولي للفنون من أجل فلسطين من تجربة متحف تشيلي في المنفي الذي أسسه المنفيون التشيليون بعد انقلاب عام 1973 على حكم سلفادور أليندي وكيف ألهم المتحف التشيلي أيضا مجموعتين مختلفتين من الفنانين تأسيس مشروع مشابه لفن نيكاراغوا في المنفى تظهر الوثائق أيضا أنه حين أسس الفنانان إرنست بينيون من فرنسا وأنطونيو ساورا من إسبانيا مجموعة فن ضد الفصل العنصري التي نظمت أكثر من 40 معرضا في مدن مختلفة حول العالم كان من بين منتسبيها فنانون من المجموعات الثلاث السابقة إلى جانب هذه المشاريع الأربعة يتتبع المعرض أيضا عشرات القصص لفنانين ومناضلين وأصحاب رؤى وحالمين نظموا معارض في الأماكن العامة أو أنشؤوا أشكالا فريدة وغير معتادة للمتاحف من أجل التعبير عن القضايا التي كانوا يقاتلون من أجلها كريستين خوري باحثة لبنانية ذات خبرة في التاريخ الثقافي العربي وتاريخ الفن وهي عضو في مجلس إدارة المؤسسة العربية للصورة في بيروت تركز خوري اهتماماتها على تاريخ تداول الفنون وجمعها وعرضها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا رشا سلطي باحثة وكاتبة وقيمة فنية وسينمائية لبنانية تعيش وتعمل بين مرسيليا وبيروت قيمت سلطي برامج الأفلام في مؤسسات دولية عدة وكانت من القيمين المشاركين في بينالي الشارقة عام 2011 وهي مؤلفة ومحررة للعديد من المنشورات والمطبوعات ومن بينها كتاب كنت سأبتسم تحية لميرتل وينتر بالاشتراك مع عصام نصار وهو كتاب مكرس لإرث المصور البريطاني ومؤسس أرشيف صور أونروا