قراءة في كتاب دليل السراة في الفن والأدب اليمني لمصطفى راجح

يمنات
محمد المخلافي
في واحدة من أصعب المراحل التي تمر بها بلادنا اليمن، حيث يهدد الخراب كل شيء ويحاول النسيان طمس الذاكرة، ينبثق الشعور بالحاجة إلى التمسك بالجمال والهوية.
من هنا انطلق الباحث والكاتب اليمني مصطفى راجح في كتابه دليل السراة في الفن والأدب اليمني، الصادر عن مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر بالقاهرة عام 2025.
يمتد الكتاب على 347 صفحة، ويعد محاولة صادقة للحفاظ على الذاكرة الجماعية ورسم خريطة للروح اليمنية، مستكشفًا جمال الفن والأدب وصدى الثقافة اليمنية في زمن التحديات.
يضم الكتاب مجموعة من المقالات المتنوعة التي تتلاقى حول محور واحد هو الهوية الثقافية اليمنية كما تتجلى في الفن والأدب.
وقد قُسّم إلى أربعة فصول جمع فيها أصواتًا وتجارب مختلفة ليقدم صورة شاملة عن مسارات الإبداع في اليمن، وعن الروح التي تغذي هذه الثقافة رغم الصعوبات.
مصطفى راجح، المعروف بكتاباته السياسية والتحليلية، اتجه مؤخرًا نحو الكتابة الأدبية، وبدا أنه وجد فيها صوته الحقيقي. في رحلته الجديدة يمزج بين حس الأديب وعمق المحلل، ما يجعل كتاباته مثيرة للاهتمام للقارئ الباحث عن رؤية تجمع بين التحليل والفن.
يمتاز مصطفى راجح بغزارة المعلومة، لكنه يختلف عن غيره في طريقة تناول الشخصيات والظواهر الثقافية. فهو قارئ واسع، ينفتح على مصادر متعددة من الفلسفة إلى الفيزياء، ومن الأدب إلى التاريخ، ليكوّن رؤيته النقدية بعقل ناقد وبصيرة واضحة.
لا يغرق النص بالبرود الأكاديمي أو جفاف المؤرخ، بل يغمره بحسه الإنساني وتجربته الشخصية، ما يجعله قريبًا من القارئ.
قبل الكتابة عن أي شخصية، يغوص راجح في المراجع، وينخرط في النقاشات مع المثقفين، ويتواصل مع المقربين من الشخصيات ليجمع معلومات دقيقة عن حياتهم وتجاربهم.
وإذا كانت الشخصية فنية أو غنائية، يصغي لأعمالها بعناية، متنقلًا بين الألوان والأنماط، ليكوّن صورة واضحة عن صاحبها.
تتحول رحلته المعرفية في النص إلى سرد متوازن يمزج بين الفلسفة والعمق النفسي، وأحيانًا فوجئت الشخصيات التي كتب عنها بقدرته على التعبير عن دواخلهم، قائلين: “لقد كتبت ما كنا نود قوله.”
في مقدمة الكتاب، يبدأ
ارسال الخبر الى: