فلسطين ساحة تعاطف أو مدار وعي

21 مشاهدة

بعد عامين من الإبادة الجماعية في غزة، ومن الهمجية الصهيونية التي شاهدناها على الشاشات وفي مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، نجد أنفسنا أمام أسئلة ملحّة تتعلّق بوعينا العربي وكيفية تفاعله مع ما جرى ولا يزال مستمراً، وإن بوتيرة أقل. عامان كانا كفيلين بكشف تضاريس هذا الوعي وهشاشته، وباستنزاف طاقات التعاطف التي اندفعت بقوة في بدايات الحرب، ثم ما لبثت أن فترت وانحسرت، حتى غدت الشوارع الغربية والأميركية تهتف لفلسطين، فيما بدت شوارعنا العربية أقرب إلى القفار، تركض فيها الريح عرضًا وطولًا.

إن هذا الارتخاء والتراخي في الفضاء العربي قابلان للفهم والتفسير، ومن ثم قابلان للتجاوز، إذا ما وعينا أسبابهما. فلا بد أولاً من التذكير بنقطة الانطلاق التي سبق بها طوفان الأقصى، وهي لحظة الذهول العربي أمام مشروع متكامل لتصفية القضية الفلسطينية، وُضع حجر أساسه في صفقة القرن، ثم إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، تلاه اندفاع قطار التطبيع من الإمارات إلى البحرين فالمغرب، وصولاً إلى السودان، تحت عنوان اتفاقيات أبراهام. وكان من المنتظر أن يُستكمل هذا المسار بتطبيع سعودي مقابل وعد بمسار سياسي لدولة فلسطينية منزوعة القدس وأجزاء واسعة من الضفة الغربية.

كان مشروع تصفية القضية الفلسطينية يسير بخطى ثابتة في مناخ عالمي يصرف النظر عن الحق الفلسطيني، وضمن مناخ عربي غارق في الحروب الداخلية الطائفية والمذهبية، ومعادلات سياسية مختلّة لا تستقر على حال. فالسنوات التي تلت الربيع العربي حوّلت الدول العربية إلى مختبرات وملفات، ودفعت الشعوب إلى حالة لهاث واستنزاف لقواها الوطنية ونخبها، بحثًا عن آمال في الديمقراطية والتحرر وبناء الأوطان. كنا أشبه بمن يطارد أحلامه في تضاريس لا يعرفها، فتتقاذفها الأيدي ولا يملك القدرة على انتزاعها، فيختلط عليه الحلم بالوهم. كنّا رهائن تلك المختبرات، بلا قدرة على اتخاذ القرار أو إعادة التفكير في قواعد اللعبة، إذ كان المطلوب منا الركض الدائم، وكان التوقف أو التراجع يُعدّ إعلان هزيمة أو موت داخل قواعد المختبر.

هذه الحالة حوّلت قضية فلسطين إلى عنوان ثانوي في أجندات نخب سياسية وتيارات كبرى، كانت تاريخياً تشكّل الحاضنة

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح