فلتسقط اللافتة على الأقل
لأنني إنسان عربي – وبالأخص مصري – يتعمق عندي يومياً شعور الخزي والعار وأنا أتابع المآسي المتتابعة التي لا تنقطع عن أهلنا في غزة منذ ما يقرب من سنتين. ولأنني إنسان عربي – وبالأخص مصري – أستطيع بصعوبة تجاوز مشاهد الدمار والقتل والتنكيل بالأسرى، لكن مشاهد الموت جوعاً هي ما لم أستطع تجاوزه إطلاقاً. نحن من كنا، إذا زاد الخير عندنا، نتصدق به على جيراننا، وإذا نقص نؤثرهم على أنفسنا ولو كان بنا خصاصة. وها هو الجوع يدق عظام أطفال غزة، فنقف عاجزين عن نجدتهم، لا من قلة الخير ولا من شحّ النفس، بل من العجز وقلة الحيلة.
تدفعني هذه الجراح إلى الانغماس أكثر في متابعة الأخبار على وسائل التواصل الاجتماعي، لعلّي أجد خبراً يخرج من تحت ركام الظلم يبشّر بقرب نهاية المذبحة أو بموقف عربي شريف. لكنني لا أجد إلا أخبار أسطول الصمود الذي حمل نشطاء، أغلبهم غير عرب ولا مسلمين، من موانئ أوروبية، متحدّين المخاطر، محاولين إيصال ما عجزنا نحن العرب عن توصيله إلى الغزاويين. وأجد أيضاً شركة مستحضرات تجميل بريطانية تدعى Lush تغلق جميع فروعها في المملكة المتحدة، وتضع لافتات تضامن مع فلسطين على أبواب محالها، لتخسر في يوم واحد – بحسب مديرها في مقابلة تلفزيونية – 300 ألف جنيه إسترليني، ثمناً لموقف شريف يُعرّف بالقضية.
هل أصبح الغربيون أكثر تأييداً لفلسطين من العرب؟ وهل فعلاً جرت علينا سنة الاستبدال وأصبحنا خارج المعادلة؟
أواصل البحث عن خبر مشرف في منطقتنا العربية، فلا أجد سوى شيخ سعودي يسجد لله شكراً فرحاً بـخبر استشهاد (أبو عبيدة)، وعامل في شركة مصرية عريقة يوثّق تصديرها منتجات غذائية إلى إسرائيل. فلا أجد بداً من المقارنة بين المواقف، ثم التساؤل: هل أصبح الغربيون أكثر تأييداً لفلسطين من العرب؟ وهل فعلاً جرت علينا سنة الاستبدال وأصبحنا خارج المعادلة؟
الإجابة المنطقية، بعيداً عن المشاعر والأحاسيس، هي قطعاً: لا. ليس فقط لأن حجم التبادل التجاري بين دول الاتحاد الأوروبي وإسرائيل في عام 2024 يعادل تقريباً
ارسال الخبر الى: