ندى أبو فرحات في آخدة كسرة عن كسور المرأة وانكساراتها
تدخل ندى أبو فرحات إلى خشبة مسرح مونو كما لو أنها تدخل غرفتها الخاصة: على كرسيٍّ متحرّك منخفض، جبيرتها البيضاء ممدودة أمامها بثبات هادئ، وعلى يمينها طاولة صغيرة تحمل كوب ماء وبعض الأوراق، وخلف قدميها عكّازان وWalker يقفان كشاهدين صامتين على رحلة ألم امتدّت شهوراً. في الأمسيات التي عُرضت فيها مسرحية آخدة كسرة – Break a Leg» (السبت والأحد الماضيين)، بدا المشهد من الصفوف الأمامية كصورة مركّزة لامرأة تواجه هشاشتها بشجاعة: وجه ضاحك رغم التعب، وجسد يقترب من الجمهور حتى لا يفصل بينهما سوى بضع سنتيمترات.
تبدأ أبو فرحات الحديث بلهجة خافتة، قريبة، تكاد تشبه الهمس، عن قدمها المكسورة. تذكر سقوطها في حفرة صرف صحي مكشوفة، ثم تتراجع عن رواية التفاصيل… ليس الآن. تعلّق ابتسامة خفيفة على شفتيها، وتمضي بخفّة بين الموضوعات، كأنها تتنزّه داخل حياتها. تعلن عمرها 49 سنة بجرأة متعمّدة، كمن يضع رقماً كبيراً تحت الضوء ليتأمّله من دون خوف.
ثم تنزلق إلى منطقة حسّاسة في حياة أي امرأة: مرحلة ما قبل انقطاع الطمث، تقلّبات الجسد والمزاج، التغيّرات التي لا تعلن نفسها إلا عندما تبدأ الحياة بالمراوغة. تتحدث عن العلاقة المعقّدة بين العمر ورغبة المرأة، وعن تلك الرغبة المفاجئة في الحمل لا لأنّها تطمح إليه فعلاً، بل لأن كل ما يصبح مستحيلاً يتحوّل فجأة إلى شيء مرغوب. تسخر من نفسها، من نظرة المجتمع، من التوقعات الثقيلة التي تُحمَّلها المرأة، وتقارن بين الأصغر منها سناً والأكبر، بين مسيرتها كممثلة لبنانية معروفة وبين قدرتها على مواجهة الزمن والشهرة والأمومة والرغبة في البقاء واقفة.
بين جملة وأخرى، تعود إلى الكسر – ذلك الكسر الحقيقي في قدمها، وذلك الكسر الرمزي في المكان الذي تعيش فيه. تحكي كيف كانت ذاهبة إلى حفل تكريم، ثم عادت إلى السيارة لتأخذ غرضاً صغيراً نسيته، لينشقّ الرصيف تحت قدمها، أو بالأحرى: كيف كشفت لها الحفرة المفتوحة وجه البلد.
كسر حقيقي في قدمها وآخر رمزي في المكان الذي تعيش فيه
هنا يتغيّر الجوّ في المسرح. تصبح الخشبة
ارسال الخبر الى: