فجوة بين الواقع ومطالب إسرائيل
بلغت الفجوة بين الواقع على الأرض والواقع الافتراضي في أذهان المسؤولين الإسرائيليين وخطاباتهم أبعاداً مذهلة. من المفهوم أن يلجأ زعيم سياسي يواجه انتخابات مصيرية، وربّما نهاية مسيرته السياسية، إن لم يكن حريته الشخصية، إلى المبالغة لتعزيز مكانته، لكن المزاعم والشروط التي يفرضها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على جهود وقف إطلاق النار، التي توسّطت فيها الولايات المتحدة، تتجاوز بكثير مجرّد المبالغة السياسية. أبرز مثال على هذا إصرار نتنياهو على وجوب نزع سلاح المقاومة الفلسطينية من جانب واحد ومن دون أيّ مقابل. يُطرح هذا المطلب في فراغ، من دون أيّ توضيح لكيفية ذلك أو مَن سيقوم به. المقاتلون الفلسطينيون، الذين تكبّدوا خسائر فادحة مع مجتمعهم، لم يُهزموا. لقد ألحقت إسرائيل دماراً هائلاً، لكنّها لم تنتصر في الحرب، ولم تستسلم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أو أيّ فصيل مقاومة آخر. فكرة تسليمهم أسلحتهم طوعاً من دون أيّ مقابل سياسي تُعدّ مطلباً منفصلاً تماماً عن الواقع.
أعلن قادة حماس، بمن فيهم خالد مشعل، انفتاحهم على هدنة طويلة الأمد، كما صرّح عدد منهم بأنهم على استعداد لأن يسلّموا أسلحتهم لحكومة فلسطينية شرعية، وليس لأيّ قوة احتلال. ولا يُعقل أن يُتوقّع من أيّ دولة أن تُحقّق عسكرياً ما عجزت إسرائيل عن تحقيقه طوال عامين رغم تفوّقها العسكري.
إذا كانت إسرائيل جادّة في خفض التصعيد، يمكنها المساهمة في ذلك من خلال السماح للدولة الفلسطينية بإدارة شؤون غزّة والتعامل داخلياً مع مسألة الأسلحة. لكن هذا يقودنا إلى مطلب إسرائيل المبالغ فيه: أن تتوقّف السلطة الفلسطينية عن التعاون مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) واحداً من شروط التعاون معها. ويتناقض هذا المطلب مع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة أخيراً بتجديد ولاية أونروا ثلاث سنوات. يعتقد نتنياهو أنه إذا اختفت الوكالة الأممية، سيختفي معها القرار 194، الذي يُعتبر الأساس الدولي المعترف به لحقّ اللاجئين الفلسطينيين في العودة. ولا تزال هذه الأوهام قائمةً رغم رفض إسرائيل مبادرة السلام العربية الشاملة، التي عرضت التطبيع مقابل الانسحاب من الأراضي المحتلة.
مطالب نتنياهو
ارسال الخبر الى: